لوامع من بقايا الذاكرة - مروة كريدية




"لوامع من بقايا الذّاكرة " ينظم الفلسفة شِعرًا 
تُصنّف مروة كريدية كتابها " لوامع من بقايا الذاكرة" بأنه واحة روحية فلسفية تستمد أوراقها من جذور فكر عارٍ عن التبعية بريء عن التجمعات العقائدية ويستلهم الحكم الخالدة من إرث الانسانية، وهو محاولة تُطلُّ من خلالها إلى الأبديّة وتَخطُّ شَاخِصَات عَلى دُروب الحَياة ."  ففي اللوامع إفصاحات عن بَعض التَجَارب الوجدانية المُعمَّدة بجمال الواجد وبهائه الرامية الى أفق وجودي رحب .

الكتاب صدر عن دار الدوسري للثقافة والإبداع في مملكة البحرين ويقع في 138 صفحة من القطع المتوسط،  وقد ارتدى ثوب قصيدة النثر و تُعالج فيه الكاتبة أعقد المفاهيم الفلسفية بأسلوب سِرَّاني تنطلق فيه من الخبرة الروحية المعاشة، مؤكدة على مبدأ وحدة الوجود، و وحدة القضايا الانسانية، و وحدة حقيقة الحكمة الانسانية الخالدة على الرغم من تبدل الأشكال وتمايز الصور، وهي إذ تتناول الموضوعات بِنَفسٍ عرفاني باطني تقارب في بعض الطروحات عند الهنود الأدفيتيون كما تلامس فيه حدّ الشطح عند المتصوفة .

ديوان اللوامع ضم ثلاثة أقسام ضمنتها الكاتبة ببعض اللوحات التي لها صلة بمضمون القصائد وهي الأقسام هي :
"عَنقاءُ الَمَدائن …. لوامِع تسامت فوق الرّماد"،  وتناولت فيها الكاتبة قصائد تُعَبّر عن السلام وضرورة نبذ العنف والحروب، وأن "الوطن" كمفهوم يتجاوزالتاريخ والجغرافية، فهو ليس مجرد أرضٍ أو عمق أركولوجي، بل الإنسان هو الوطن، وقد جاءت بعض القصائد على شكل ملاحم وأساطير تدور رحى معاركها بين الآلهة،  كما تضمن هذا القسم  رثاء للمؤرخ المقدسي الراحل نقولا زيادة.
مقتطف من هذا المحور :
وَأكتُب فِي مُفَكرتِي :
أرَى حَمَامَة تَنْتَفِضهناك عِنْدَ بُرْكَانٍ هَائِجْ

وَقَفْتُ وَهَولُ الدَّمَارِ أَعْمَانِي عَنْ سِرِّ الجَحِيمِ أُسَائِلُهَا:
هل هَيَاكِلُ السَّلامِ بِجَمَاجِمِ الأطْفَالِ تُبْنَى

 ؟أَمْ أَنَّ مَمْلكَةَ الرَّبِّ بالأشْلاء حِيكتْ؟
وهَل قَرابِينُ الآلِهَة مَذابح رُضَّع؟
دَمَعَتْ رُوحها تَنْهِيدَةً     

     مَلّتْ شُرُورَ بَنِي البَشَر :
الله وَاحِد….و"آلِهَةُ" الأرْضِ كُثُرفي كلّ آنٍ يَتَقاتَلُون !
وباسْمِ المُكَوّنِ يََتَعاركُونْ!وَعَلى الإنْسَانِ يتآمَرونْ!…………

.فَاغْمِدِي…. سَيْفَيَسُوعَ النّاصِرِيِّ مَحبَّةً
فِيِ قَلبِ الكائِنَاتِ
عَلنَّا بالحُبِّ نُعِيدَ بَهَاءَ الوجودْ

*****

أما القسم الثاني المعنون ب "لَوامعُ النّقط …..في منازل الرّوح" فهو القسم الأعقد من الكتاب حيث اشتمل على إشارات في التصوف الفلسفي كمفهوم التكوين وما انبثق عنه، ومفهوم النور وأنواعه، ومفهوم وحدة الكثرة والفرق بين الواحدية والأحدية وغيرها من المصطلحات التي عولجت بصورة تبدو للقارئ سوريالية مشفّرة.
مُقتطف من هذا المحور :إِلا مَنْ هَوَىلأدْنَى مِنَ القَوْسَيْنِ
لِمَرَج النَّهْرَينِبَيْنَ أجَاج وَعَذْب لا بَاب "عِند "ولا مَعْبَر "إلى"
وَ تَتَمَزَّقُ الأنْوَار فِي كَفِّ عَتِيقطُيُورٌ فِي فَلَك الحَقِيقَةِ تَدُورتَلْتَقِطُ كُلّ العُيُونوَتَنْكَشِف
أُفْرِدُ جَنَاحًاوَأمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدبَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُول
فَلا السَّابِق كَانَولا اللّوَاحِق تَكُون الأنْهار بِلا سَبَبٍ جاريَاتٍ والسَّمَاء عاريَة عن الحُدود
ودهشة التأمّل فَنّ الأزَلوبَرزَخ القَوسَيْنفي نقطة النُّون ! 
القسم الاخير جاء بعنوان لَوَامِع العِشْق …. في حضْرة الأنثى" ، وفيه تطلق الكاتبة لأنوثتها العنان، معتبرة أن الانوثة كمفهوم هي مكان استقطاب ورحم لإعادة انتاج المحبة والجمال الوجودي ، وتغرق من خلاله  بالصور الحسية والشغف وتصوير الرغبة وأجواء السهرو الخمور الملكية واصفة نبض القلب، وعطش الشفاه، واحتراق الجسد، والقوة المتولِّدة من اللذة التي تَمنح الانسان المَسَرَّات النَّاجِمَة عن الشَّوق الحَكِيم، فتكتسِب النَّفس إشْرَاقًا وَسِعَةً وترتقي في شوقها الأعلى لتتحرر من الرغبة نفسها انعتاقًا.

فِي مَقامُ البَيْن:· 

     أُسَاءِلُ حَبِيبِي عِنْدَ العَوْدِ :صَدْرِي نبَيِذٌ…     
              وشَغَفِي شَمْعٌ…                  
           وشَفَتِي وَرْدَة…أَفَلا جِئْتَ نَسْهَر ؟؟………

·      قَالَ :               أَنْتِ عَارِيَة فِي المِرْآةِوَصَفَوْتِ فِي الجَوْهَر     

        وَرِدَاءُ المَحَبَّة …عَلى سَريرِ الوِحْدَةِ يَنْكَشِف

·      قُلْتُ :             وَأَغِيبُ ….               

    فَأُمْحَى عَن مُسَمَّاكَ بِصِفَاتِك·    
  قَال :          مَازِلْتِي ثَانيةَ اثْنَيْنِ                         
    فِي مَقَامِ البَيْنِ !·  
    قُلتُ:             وَأفْنَى عَنْ صِفَاتِكَ شُهُودًا                       فَأَنْتَ ال"مِنُّ" و ال"إِلَى" !
·      قَال:           كَيفَ العبُورُ مِنِّي إِلَى غَيْرِي                     وَلا غَيْرَ قَبْلِيَ …وَأَنَا  المُنْتَهَى !


***** 
ونقرأ على الغلاف الخلفي :
"مِنْ بَرِيق رُوحٍ تَصَوّفتْ فِي مِحرَابِ وحدَة الوُجُودِ …. وتَدَثرتْ بِرِداءٍ كَوْنِّي… وَعَبَرَت بِبَرْزَخٍ إشْرَاقيّ …للعَاقِلات المُتفَتِّحة الانسانية مِنِّي " لَوامع مِن بَقَايا ذَاكِرة"… تُطلُّ إلى الأبديّة… وتَخطُّ شَاخِصَات عَلى دُروب الحَياة…تُفْصِح مِن خلالِهَا رُوحِي، عن بَعض تَجَاربها المُعمَّدة بجمال الواجد وبهائه. … بعضها بسيط عفويّ، وآخر يَعبر إلَى ما ورائيات الوَرَى…بعضها واكب ذَاكرة الوقائع، وآخر رصد لَوامع تيَقُّظ تفنى بها الذّاكرات الماضية…. وتفنى به الذات عن ذاتها …"

تعد الكاتبة مروة كريدية واحدة من المهتمات بالقضايا الإنسانية واللاعنف، حيث تطرح العلاقات الاجتماعية والسياسية من خلال رؤية وجودية تتجاوزالانقسامات الاثنية والدينية والجغرافية، وقد عملت في ميادين فكرية متنوعة، ولها العديد من الاعمال الادبية و الفنية التشكيلية والخواطر الشعرية والابحاث الميدانية في علم الاجتماع السياسي. شاركت في أعمال حوار الاديانواللاهوت المقارن، كما نشطت في ميدان الاعلام الثقافي ومن اصداراتها : "أفكارمتمردة"   في الفكر والثقافة والسياسة ، و"معابر الروح"ديوان شعري ، و "مدائن الغربة" في الفنون التشكيلية و "فكرٌ على ورق" في الفكر والسياسة.


الكتاب : لَوَامِع مِن بَقَايَا الذَاكِرة - شعرالمؤلف : مروة كريديةالترقيم الدولي: ISBN: 9789933062الطبعة الأولى : 2010عدد الصفحات : 140صفحةالناشر : دار الدوسري للثقافة والإبداع - المنامة، مملكة البحرين








مروة كريدية - علي القحيص 
مروة كريدية توقع " لوامع من بقايا الذاكرة "

 وجد عبد النور من الشارقة
وقعت الكاتبة مروة كريدية إصدارها الجديد "لوامع من بقَايا الذاكرة " الصادر عن دار الدوسري  للثقافة والإبداع في المقهى الثقافي المنعقد خلال معرض الشارقة الدولي الـ 28 للكتاب، وقد أشارت كريدية إثرالتوقيع بأن الديوان يُشكل نقطة فارقة في إنتاجها الأدبي إذ حرصت من خلاله على أن تقدم للقارئ إضاءات وإشارات ماورائية تتجاوز عالم الحس مرتكزة بذلك على التراث الروحي للحضارات الانسانية التي تشترك فيما بينها في الحكمة الانسانية الخالدة. 

وفي هذا السياق قالت :" لقد تناول أهل العرفان والباطن من الصوفية  صورة استمرارية "مادية" كتعبير عن مفهوم "الوحدة "  ، تمامًا كما شبّه الهنود الأدفيتيون  في معتقداتهم عن تغير الاشكال برغم  إشتراكها في أصل المادة " .

وتضيف "إننا في عصر الخواء الروحي القاتل ربما نحتاج الى واحة روحية تستمد أوراقها من جذور  فكر عارٍ عن التبعية بريء عن التبعيات العقائدية تستلهم الحكم الخالدة من إرث الانسانية وتُطلُّ إلى الأبديّة وتَخطُّ شَاخِصَات عَلى دُروب الحَياة .. ففي اللوامع تُفْصِح مِن خلالِهَا رُوحِي، عن بَعض تَجَاربها المُعمَّدة بجمال الواجد وبهائه وتتطلع الى أفق وجودي رحب "

وعن كتابها ( فِكر على ورق )الذي يتناول قضايا فكرية ونقدية  أشارت الى أن :" الكتاب يتنتقد  انغلاق بعض النماذج الفكرية المؤسِسَة للفعل الثقافي والسياسي... انتقاد لا يستهدف الانتقاص بقدر ما يهدف إلى الإفصاح عما نعانيه في آنتنا الرّاهنة يعود لأفكار تكرس الصراع وتخل بتوازن المجتمعات البشرية .وهو مجرد محاولة لأشارك من أحبّ أن يُطل إلى الفكر الإنساني بعيون وجودية؛ حيث تلك الطبيعة المُستترة في عمق حقيقتنا الكونيّة الساميّة التي تتجاوز حتى الفكر نفسه."

وردا  على سؤالنا حول مواهبها المتعددة وكيف أنها  تستطيع الجمع بين العمل الفكري  والابداع الفني قالت  أنها لا "تحترف"  شيئًا بعينه ولا تسعى لتحقيق "الانجازات" ، بل تؤكد أن جلّ ما تقوم به هو جزء من حركة كليَّة غير منقطعة، لذلك فهي تتصرف بتلقائية حسب الظروف.

وان الكتابة بالنسبة لها كسائر شؤون حياتها انعكاس للخبرة المُعبِّرة عن ينبوع حبّ كامن ينكشف إبداعًا بوصفه كمال التناغم اللامتناهي بين مكونات الوجود، فالابداع عندها ليس حكرًا على أحدٍ أو على فن بعينه بل هو الوجود نفسه، وتؤكد أنَّ الحرية تكمن في الانعتاق من الرغبة الدائمة بالتملك والحرص والتشبث، فالتخلي عن "أن نريد" يورث السعادة ، كما ترى أن "النجاح الشخصي"  لا قيمة له على الحقيقة إذا ما وضع في إطار إنجازات الحضارة الإنسانية، فلا يوجد شخص يستطيع أن ينجز بمفرده أنه جزء من الكل الكونيّ.

ديوان اللوامع ضم ثلاثة أقسام ضمنتها الكاتبة ببعض اللوحات التي لها صلة بمضمون القصائد وهي الأقسام هي :
"عَنقاءُ  الَمَدائن ....  لوامِع تسامت فوق الرّماد" وتناولت فيها الكاتبة  قصائد تعبّر عن السلام وضرورة نبذ العنف والحروب كما ضمنتها رثاء للمؤرخ نقولا زيادة.
أما القسم الثاني المعنون ب"لَوامعُ النّقط .....في منازل الرّوح" فقد تناولت فيه قصائد تحتوي على إشارات في التصوف الفلسفي كمفهوم التكوين والحضرة الإلهية .
القسم الاخير جاء بعنوان " لَوَامِع العِشْق ....  في حضْرة الأنثى". وفيه تطلق الكاتبة لأنوثتها العنان معتبرة أن الانوثة كمفهوم هي مكان استقطاب وحضن لاعادة انتاج المحبة والجمال الوجودي  وتغرق الشاعرة فيه بالصور الحسية والشغف وتصوير الرغبة .

وتعد الكاتبة مروة كريدية واحدة من المهتمات بالقضايا الإنسانية واللاعنف، حيث تطرح العلاقات الاجتماعية والسياسية من خلال رؤية وجودية تتجاوزالانقسامات الاثنية والدينية والجغرافية، وقد عملت في ميادين فكرية متنوعة، ولها العديد من الاعمال الادبية و الفنية التشكيلية والخواطر الشعرية والابحاث الميدانية في علم الاجتماع السياسي. شاركت في أعمال حوار الاديان واللاهوت المقارن، كما نشطت في ميدان الاعلام الثقافي ومن اصداراتها : "أفكار متمردة"   في الفكر والثقافة والسياسة ، و"معابر الروح" ديوان شعري ، و "مدائن الغربة" في الفنون التشكيلية و "فكرٌ على ورق" في الفكر والسياسة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق