الجمعة، 18 يناير 2019

السودان بين مطالب الإصلاح ومخاوف الانجرار إلى الفوضى

في الذكرى الثامنة لثورات "الربيع العربي" د. مروة كريدية – كاتبة واعلامية
يراقبُ العالم بحذر شديد الاحتجاجات في السودان، وفي وقت بدت وسائل الاعلام الغربية أكثر جرأة في تغطية الأحداث، فضّلت معظم العواصم العربية ووسائل الاعلام الرسمية التابعة لها تجاهل تطورات تلك المظاهرات و التزام الصمت إزاء مجرياتها. تزامن اندلاع هذه الاحتجاجات
مع حلول الذكرى الثامنة لما يسمى بثورات "الربيع العربي" التي أطاحت برؤوس الأنظمة الحاكمة في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن. وإذا ما استثنينا التجربة التونسية التي ساهم في نجاحها إلى حد بعيد حياد الجيش والعسكر منذ البداية والتزام قادتهما بابقاء الحكم مدنيًّا علمانيًّا ديموقراطيا؛ فإن بقية الدول التي شهدت ثورات مماثلة انجرّت إلى الديكتاتورية الشاملة عبر تولي العسكر لزمام الأمور لكافة مرافق الدولة كما في مصر، أو غرقت في  العنف والصراعات المسلحة كما في اليمن وليبيا ، أما سوريا فقد آلت إلى حرب أهلية مدمرة شاركت بها القوى الدولية والاقليمية و لم تضع أوزارها بعد مع بقاء النظام على طغيانه.
ووسط المآلات الدرامية للثورات فإن السودانيين أمام تحديات حقيقية يصبح الحليم حيالها حيرانًا ، فمن جهة فإن المطالب محقة وعادلة لشعب يستحق العيش الكريم ، ومن أبسط حقوقه أن يعبّر بشكل سلمي عن مشكلاته المتراكمة وسط انسداد الأفق السياسي بالتغيير؛ ومن جهة مقابلة فإن كثيرون يخشون في أن ينجرّ السودان إلى العنف لا سيما إذا استُخدِم الجيش في قمع المظاهرات ، فتؤول الأمور إلى ما لا تحمد عقباه وتدخل البلاد المنهكة أصلا، إما في دوامة حرب دامية أو في انقلاب عسكري قد يطيح بالبشير ربما ولكن سينصّب ديكتاتورا من جديد !
شعوب كثيرة في مناطق متعددة من العالم تعاني من المأزق نفسه ، فهي مجبرة على الخنوع التام للديكتاتورية وسط فساد اقتصادي وغياب تام للحريات و التنمية الشاملة والخدمات، في وقت يلوح الزعيم بعصا الحرب المدمرة متهمًا كل معارضٍ بالإرهاب والعمالة لقوى أجنبية !
وَكَأن ثلاثون عَامًا غير كافية لِيحقق بِها الحاكم التنمية لبلاده ! وكأن ثلث  قرن مدة وجيزة في عمر تطور الشعوب ! فثلاثة عقودٍ غير كافية لمعظم الحكام العرب للرحيل! ويود أحدهم ليعمّر ألف ألف عام كَي يستمر في تسلطه ! ديكتاتوريات تمدد لنفسها وتجدد وتتحكم بأنفاس البشر وهي تدعي أن ذلك هو السبيل الوحيد لحفظ البلاد من الإرهاب ! فيما  الدول الغربية تغض الطرف لا سيما وان كانت مصالحها الاستراتيجية بخير.
وبغض النظرعن من يقف وراء تلك الاحتجاجات سواء كانت شبابية سلمية حرّة أم كانت تحرّض لها جهات إقليمية ودولية مغرضة كما تدعي الأنظمة ، و بصرف النظر عن مآلات ونتائج "ثورات الربيع العربي " الفاشلة ؛ فإنّ هناك حقيقة واضحة مشتركة وهي حضور  "الدولة التسلطية " في  معظم الأنظمة العربية على الرغم من اختلاف تسمياتها وتفاوت درجة انعدام العدالة في سلوك حكوماتها.
فالدولة التسلطية تحتكر لنفسها مصادر السلطة والقوة في المجتمع لصالح النخب الحاكمة، مرتكزة في ذلك على اختراق المجتمع المدني وتحويل المؤسسات المستقلّة إلى مؤسسات تابعة كامتداد لأجهزة الدولة في ظل هيمنة صارخة لسلطة الاقتصاد، علاوة على البعد الأيديولوجي لهذه الدولة التي تسعى من خلال الأجهزة الأيديولوجية إلى تبرير مشروعيتها والتأكيد على مركزية القيادة، مما يترتب عليه غياب الحريّات في سبيل فرض القمع، الذي يكرس التراتبية الهرمية و التحكم بالأجهزة العسكرية والأمنية التي لا تخضع لشورى الشعب أو البرلمان إنما الكلمة الفصل تكون بشكل مركزي مرتبطة برأس الهرم الزعيم.  فتتحول هذه الأجهزة من مؤسسات مستقلة يُفترض أن تحمي الناس إلى مؤسسة فردية تقمع الشعب بأسره وتحمي الرئيس ليستمر في منصبه إلى مالا نهاية.
إن طبيعة الحكم التسلطي تحتّم استعمال العنف والإرهاب أكثر من اعتمادها على الشرعية الحقيقية، سواء كان عنف مادي مباشر يطال الأبدان والأرواح أو عنف وإرهاب فكري ومعنوي، فالانتخابات الشكلية التي يفرزها هكذا نظام لا معنى له، لأنه يجمّد الحقوق المدنية ويستخدم نتائج هذه الاستفتاءات ليشرّع وجوده ويؤمن الاستمرارية له.
و في ظل هذه السياقات السابقة، يتمّ تدوير النخب الفكرية، والعمل على خلق مثقفين مدافعين عن وجود هذه السلطة، التي تحاول أن تخفي قمعها وإرهابها بأقنعة تبرر للسياسي وجوده وممارساته.
كل ذلك يؤدي إلى إلغاء حق تداول الأحزاب المعارضة للحكم مما يؤدي إلى الجمود في مؤسسات الدولة، وهذا الجمود في المؤسسات الحكومية يوّلد نفور عام خصوصًا عندما تتزايد أخطاؤها مما يجعل من هذه الحكومة هدفًا ثابتا لسخط جماهيري مكتوم دائم، وان بدا أن هذا الشعب محكومًا في الظاهر، لكنه يظل قائمًا محتدمًا في أعماق المجتمع، فيتحول إلى مستنقعات تنمو فيها الأفكار المتشنجة المتطرفة، وعندما تقوم الانتفاضات الشعبية في تلك الأنظمة تكون في طبيعة الحال ردّ فعل على العنف المسبق للدولة، وفي الوقت نفسه يكون السبب الرئيس لإعادة إنتاج العنف من جانب أجهزة الدولة، مما يوقع البلاد في دوامة لا تنتهي إلا بانتهاء الأسباب الدافعة لتلك العلاقات .
أما من الناحية الاجتماعية فإن الفقر والحياة الخانقة وغياب الخدمات والرعاية الصحية وشروط العيش الكريم يؤدي لنوع موازٍ من العنف الذي يظهر من خلال سلوك الناس ولغتهم، فيصبّون جامّ غضبهم على من يعدّونه سببا لمعاناتهم فتنتشر مشاعر العداء في نفوس المحرومين تجاه تلك الأقلية التي تتمتع بالرخاء فتتكاثر في هذه المجتمعات طبائع السلوك العدواني سواء في التعامل مع الذات أو مع الآخر أو مع مرافق الدولة التي لا يشعرون بالانتماء المعنوي إليها.
فالسودان يعاني من ضائقة اقتصادية خانقة ونقص حاد في العملات الأجنبية وتضخم بنسبة 70 في المئة، وكان قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف شرارة اندلاع الاحتجاجات وسط غياب الخدمات الحقيقية والرعاية الصحية .
والسؤال : هل سيتمكن السودان من التغيير والخروج من الأزمة الراهنة  دون الانجرار الى المهالك؟
هذا ما لا يمكن الجزم به ولكن ما يعاني منه السودان الآن تعاني منه معظم الدول العربية ، ومعظم الشعوب تقبع تحت انظمة حديدية مع اختلاف الوضع الاقتصادي، فالراحة الاقتصادية والتنمية قد تنفسّ الاحتقان الشعبي لكنها لا تمنح الانسان كرامته الآدمية ، فالشعوب يئست الأوضاع  في ظل انعدام اي أفق للتغيير ! 

السبت، 7 فبراير 2015

بيان الأزهر حول داعش، فتوى عادلة أم افلاس فكري؟

بيان الأزهر حول داعش، فتوى عادلة أم افلاس فكري؟


د.مروة كريدية
توالت ردود الافعال الشاجبة للجريمة
المروعة التي استهدفت الطيار الاردني معاذ الكساسبة كما توالت المواقف الرسمية
وغير الرسمية  المنددة بالارهاب. والادانة
صدرت من جهات متنوعة شملت معظم بقاع الدنيا، بما فيها الادانة الصادرة عن "الخارجية
السورية" التي تصب حممها المتفجرة يوميا على رؤوس الابرياء!  كما ادانت العملية بعض التنظيمات "
المؤدلجة " و"الطائفية" التي لا تتوانى عن استعمال الارهاب وتنفيذ
المجازر وتهجير البشر  لتنفيذ مآربها!
وقد سارعت الحكومة الاردنية الى تنفيذ حكم
الاعدام بحق " ارهابيين " لديها لامتصاص الاحتقان الشعبي وردا على
الافعال الاجرامية .
غير ان الملفت للنظر بيان شيخ الأزهر
الشريف الذي اشار بعد شجب العملية الى ان حارقو معاذ الكساسبة يجب قتلهم وصلبهم
وقطع أيديهم وأرجلهم تنفيذا لعقوبة المفسدين فى الأرض
.
لا خلاف إذن على ادانة العنف من اي جهة صدر وبأي لبوس كان،  بيد ان ثمة اسئلة محورية يجب الاجابة عنها في
ظل فوضى القتل والارهاب التي تطال الانسانية 
: فهل على الضحية ان تنتعل حذاء جلادها وتعيد انتاج العنف من جديد ؟ هل
علينا ان نقابل فعل الحرق بالصلب ؟ هل تقابل الهمجية بالهمجية؟
البيان الأزهري يتوعد بالعقوبة ويفتي بها .
انه عمليا يستخدم نفس الادوات الفكرية والفقهية التي تستخدمها "داعش" و
" القاعدة" وتستخدمها "الميليشيات العقائدية " هنا وهناك،  فهذا يحرق  بحجة اقامة شرع " الله" وذاك يصلب
دفاعا عن "الله " وآخر يرتكب المجازر لاجل أئمة "الله" ...
فما هو الفرق بين من يحرق لاجل عقيدة توصف
"بالمنحرفة" ومن يصلب  لأجل عقيدة
توصف بانها "سليمة" ومن يرتكب المجازر لاجل "طائفة" او "
مذهب"؟  
تحضرني مقولة لغاندي يقول فيها :" الردّ على وَحشيَّة بوحشيّة
إقرارٌ بإفلاسنا الأخلاقي والفكري، ويمكن لهذا أن يكون بداية حلقة مفرغة  "
 ان تفكيك مملكة الارهاب تبدأ من
تفكيك المصطلحات الفكرية والادوات الايديولوجية المؤسسة لها ولا يكون باستخدام نفس
الأدوات االوسائل الفقهية التي يستخدمها الارهاب نفسه !
ننتظر من الأزهر خطوة تجديدية ترقى لمستوى
الأحداث تتطال تجديد الخطاب الديني بأسره لا الاكتفاء باعادة تدوير النصوص.  انها مسؤولية حضارية حقيقية تتطلب عملا دؤوبا
وحقيقيا للخروج من دائرة حرفية النصوص الى المبادئ الكونيّة الجامعة للحضارة
الانسانية ومشتركات الحكمة الخالدة والتي تتفق بما لا يدع مجالا للشك على أنّ
علاقة الانسان بالانسان، والانسان بالكون، هي علاقة تكامليّة لتحقيق المحبة
والسلام، وتتمحور حول أهمية وعي الكائن الانساني لعظمة وجوده الذي لا يكتمل إلا
باللاعنف واللاإكراه.
نتطلع الى اجتهادات تفتح  آفاقًا رحبة لإحداث يقظة لاعنفية ضدَّ ما يحصل
من جرائم يومية بحقّ البشر بدءا من التطهير العرقي والاضطهاد وصولا الى تعنّت
الدول المسيطرة.
ويمكن اليوم استلهام التجارب المشتركة
في تراث البشرية، التي تؤكد على انّ العدالة والمحبة لا تتحققان إلا باللاعنف، من
أجل حماية الانسانية، ولكلّ شعبٍ تراثه الرُّوحي المشرق الذي يشع سلامًا فطريًّا،
ويمكن له أنْ يُبلور رؤيته الخاصَّة للاعنف بحسب ظروفة وإمكاناته وجذوره الفكريّة،
أسوة بما فعل مُستَنِيري كلّ العصور من سقراط والناصري وغاندي و ابن عربي وماهافير
وناناك و طاغور وتولستوي... وغيرهم، ممّن آمنوا أنّ التغيير الفعلي يبدأ بتحقيق
الانسانية والسلام و تربية النفس قبل جهاد البشر، و أنّ نصرة الحقّ لا تكون إلا
بالحقّ وبوسائل عادلة
.
ربما الامر يتطلب عاملين
:
العامل الأول : وجود إنسان مؤمن
باللاعنف سبيل حياة، يحمل بذرة فطرية انسانية تتجاوز الدكاكين "الطائفية
" و التقسيمات القومية والآراء التسلطيّة، والأيديولوجيات المتصلبة،
والنظريات الانعزالية، ويتمتع بالقوة والإرادة على زرع بزور التسامح في قلب الأخوة
الانسانية 
العامل الثاني : وجود مبادئ أخلاقية
قابلة للتطبيق في سياق التربية اللاعنفية تتبلور من خلال فعل انساني قوامه المحبّة
لكل الخلائق و التضحية من أجل الانسانية وتحمل المسؤولية تجاه الكون والكائنات
.
وأخيرا ؛ هل الأزهر قادر على  تحمل تلك المسؤولية الحضارية ؟
نأمل ذلك لان تحقيق السلام هو محك
انسانيتنا وفيصل معرفتنا.   



الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

Marwa Kreidieh nailed Doctoral degree



Crises logic and the prospects for the universe

Aberdeen - USA
The writer Marwa Kreidieh nailed Doctoral degree for her thesis entitled: "Peace bets crises logic and the prospects for the universe," read the epistemological issue of violence in the universe. Aberdeen International University in the United States, where Kreidieh addressed in her study dismantle the intellectual-based "classical logic" unilateral structure the "classical physics" as new proposals are based on post-philosophy provided where demonstrate advanced mathematics on the stability of the existing physical systems repositioning engineering point in space and time, so it is all to be and the state of instability is more than the sum of its parts, and concludes that he can inspire drags intellectual based on quantum physics, through different tools does not rule out the spiritual experience in the Queen of the overall awareness inherent in the human soul.
The researcher said the humanitarian object has been "programmed" through the vast amount of knowledge gained Tee human inheritance through the ages all philosophies disparate and religions and diverse beliefs crystallized, which emphasizes cross-logic legacy that humans separate individual beings struggling in constant conflict since birth to live in this is not the best, but ends with death, and this is what has been accepted by all humanity!
This conflict rationalized violence and carry humans sins of the past centuries heavily wounds and disappointment and regret. In the same context that you see out about violence is not only through the understanding of the overall nature of the structure of the external world and the internal, people got the man is not an individual but a whole human consciousness.
Professor Paul Eckert supervisor of the thesis was considered it a prospective study with distinction, pointing out that it carries great value theory pave the way for the prospects of intellectual instinct of being a real nucleus of a new understanding of the universe because it does not proceed from traditional foundations, but from the phenomenon that belong to the system dynamic overlapping and their impact on the sociological and political fields natural Sciences and Mathematics and the other lead to a conceptual coup.


For her part, thanked the researcher Marwa Kreidieh jury, discussion and noted the efforts of Dr. N. Dabssi (physicist), who helped in the scientific translation processes, noting that the idea of the study and weaved major dating back to 2000 when it decided to in-depth research in the real reasons producing violence in human behavior and leading to wars, where they found that the logic families of human thought and WYSIWYG violence and added that the emergence of quantum physics and the discovery of particles and cosmic Reflexivity in the course of the phenomena called the new turns of thought in terms of theoretical science, because the argument inevitable faded under the weight of the variables and the world in front of a real challenge to find ways and "algorithms" Other to understand the fragmented phenomena path.



مروة كريدية تنال الدكتوراخ مع مرتبة الشرف من جامعة ابردين

نقلاب في البناء المعرفي للبشرية في المستقبل القريب

أديب سلامة - أبردين – الولايات المتحدة
١٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٤، خبر ثقافي عن: مروة كريديه
تكبير النصتصغير النصنص فقط
من خلال مناقشة اشكالية فلسفية بالغة التعقيد ترى الباحثة مروة كريدية ان ظهور الفيزياء ما تحت الذرّية سيؤدي الى انقلاب معرفي يغير كل المسلمات التي عهدتها البشرية وستتجه الانسانية نحو اللافلسفة اي البنى المتشظية لكل الفلسفات الامر الذي سيغير البنى الفكرية المعهودة ويقدم استراتيجية قيمية جديدة لادارة الهوية والقضايا والعلاقات بين الدول حيث لن يكون للثوابت والمسلمات مكان في الحياة المستقبلية .
واشارت الى ان استشراف المستقبل لعالم يضج بالأزمات والعنف لا يكن الا عبر فهم البنى الفيزيائية العلمية التي مهدت له وكلها تقوم على "المنطق الكلاسيكي" التي انتجها العقل اليوناني وفيما بعد استثمرها العقل الغربي ومن ثم العقل العربي أفرزت: الحتمية، المنطق الصوري، الجدلية،الثنائيات،اللوغوس، المادة والصورة. هذا النتاج الكلاسيكي يقوم على محاور قيميّة من اهمها: اختزال الكون الى منظومة ميكانيكية مؤلفة من مكونات اولية، واعتبار "العلم الوضعي" الطريق الأوحد الى المعرفة، والنظر الى الكائنات الحية والتعاطي معها كآلات، واعتبار الحياة المجتمعية صراعا تنافسيا البقاء فيه للأقوى، الأمر الذي سوّغ العنف وحول الكوكب الى مملكة ارهاب ومع بزوغ الثورة الكوانتية والثورة المعلوماتية تكون البشرية قد نحت منحى جذريّا في تطوير البناء المعرفي ممكن ان يؤدي الى انقلاب في المفاهيم.
جاء ذلك من خلال اطروحتها العلمية المعنونة : " رهانات السلام...ازمات المنطق وآفاق الكون ، قراءة ابستمولوجية في مسألة العنف والكون " حيث نالت مروة كريدية درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف عن بحثها في الفلسفة من جامعة ابردين الدولية في الولايات المتحدة الاميركية، وقد تناولت في دراستها تفكيك البنى الفكرية المرتكزة على "المنطق الكلاسيكي" الأحادي المنبني على "الفيزياء الكلاسيكية" كما قدمت طروحات جديدة مبنية على مرحلة ما بعد الفلسفة حيث تبرهن الرياضيات المتقدمة على لاستقرارية النظم الفيزيائية القائمة على تموضع النقطة الهندسية في المكان والزمان، لذلك فان الكل يكون وحالة اللااستقرار هو أكثر من مجموع أجزائه، وتخلص الى انه يمكن استلهام أداوت فكرية استنادًا الى الفيزياء الكوانتية، من خلال أدوات مغايرة لاتستبعد الخبرة الروحية الموجودة في ملكة الوعي الكلِّي الأصيلة في النفس الإنسانية.
وتعتبر الباحثة ان الكائن الانساني قد تمت "برمجته" من خلال الكم الهائل من المعارف المكتسبة المحملة بالارث البشري على مر العصور بكل فلسفاته المتباينة واديانه المتنوعة ومعتقداته المتبلورة ، التي تؤكد عبر المنطق المتوارث ان البشر كائنات فردية منفصلة تجاهد في صراع دائم منذ ولادتها كي تعيش بشكل أفضل ولا ينتهي ذلك الا بالموت ، وهذا ما تقبلته الانسانية كلها! 
هذا الصراع سوغ العنف وحمّل البشر أوزار القرون الماضية المثقلة بالجراح والخيبة والندم. وفي السياق عينه ترى ان الخروج عن العنف لا يكون الا عبر فهم الطبيعة الكلية لبنية العالم الخارجي والداخلي ، فوعي الانسان ليس فرديا بل هو وعي الانسانية كلها.
وقد اعتبر البروفيسور بول إكيرت المشرف على الاطروحة انها دراسة مستقبلية بامتياز مشيرا إلى أنها تحمل قيمة نظرية كبيرة تمهد لآفاق فكرية غريزة كونها تشكل نواة حقيقية لفهم جديد للكون لانها لا تنطلق من اسس تقليدية بل من الظاهرة التي تنتمي الى المنظومة الدينامية المتداخلة وانعكاساتها على المجالات السوسيولوجية والسياسية والعلوم الطبيعية والرياضيات وغيرها تؤدي الى انقلاب مفاهيمي .
ومن جانبها شكرت الباحثة كريدية لجنة التحكيم والمناقشة ونوهت بجهود الدكتور الفيزيائي دبسي الذي ساعدها في عمليات الترجمة العلمية مشيرة الى ان فكرة الدراسة وخيوطها الرئيسية تعود إلى عام 2000 عندما قررت البحث المعمق في الاسباب الحقيقية المنتجة للعنف في السلوك البشري والمؤدية للحروب حيث وجدت ان المنطق اسر الفكر البشري وسوغ العنف واضافت ان ظهور الفيزياء الكوانتية و اكتشاف الجزئيات الكونية واللانعكاسية في سير الظواهر استدعى انعطافات جديدة في الفكر على صعيد العلوم النظرية لان مقولة الحتمية اضمحلت تحت وطأة المتغيرات وان العالم امام تحدي حقيقي لايجاد سبل و"لوغاريتمات" اخرى لفهم مسار الظواهر المتشظية .