مبنى جمركي شاهد على حركة ميناء نيويورك في القرن الماضي
مروة كريدية من نيويورك
من قلب مانهاتن النابض بالحياة المدنية الصاخبة المزدحمة بالأبراج الإسمنتية و في جنوب منطقة "فري" أمام شارع "ستايت ستريت " يقبع واحد من أعرق البيوت الحضارية شاهدًا على واحدة من أهم موارد العالم الثقافية التي تمثل مجتمعات الشعوب الأصلية في الأمريكيتين التي تركت بصمة تاريخية شاهدة على عمق التجذر الإنساني لمنطقة شهدت صراعات الأوروبيين الدامية على القارة العذراء أواسط الألفية الثانية .
ويقع مبنى" The Alexander Hamilton U.S. Custom House home of the NMAI’s George Gustav Heye Center" في فورت أمستردام التي بناها القادمون الهولنديون حيث شيدوا في الربع الأول من القرن السابع عشر قلعة دفاعية أطلقوا عليها حصن أمستردام أمام الميناء الذي استكشف عام 1524 ومن ثم أصبحت نواة المستعمرة الهولندية والقلعة التي تهدف للدفاع عن عملياتها في وادي هادسون عبر حماية الميناء من الغزاة البريطانيين والفرنسيين عام 1793 أواخر القرن الثامن عشر.
ويعد المبنى تحفة فنية صممه المعماري Cass Gilbert و شيده ما بين عامي 1902 و 1907 كمبنى حكومي يهدف إلى تحصيل الرسوم الجمركية التي كانت تُعَد المصدر الأساسي المادي لولاية نيويورك قبل إقرار ضريبة الدخل على المواطنين .
التقينا بالأستاذة جاكتانا دي كانيرو الباحثة الأركولوجية ورئيسة قسم في المتحف الوطني لحضارة الأميركيين الهنود التي أشارت لنا بأن هذا البيت :" هو معلم تاريخي وطني مدرج في السجل الوطني للأماكن التاريخية في الولايات المتحدة ".
و عن تاريخية البناء قالت:" قبل فرض ضريبة على الدخل عام1916 كانت الرسوم الجمركية المصدر الأهم والوحيد لحكومة الولايات المتحدة ومن أهمها الرسوم المستوفاة عبر ميناء نيويورك الذي يعد المركز التجاري الرئيسي للبلاد والأكثر ازدهارا. لذلك ففي عام 1899، طلبت الحكومة من المهندسين المعماريين أن يقدموا تصاميم لبناء بيت مميز وعمارة متخصصة عامّة لجباية الرسوم الجمركية أمام الميناء " وتضيف بأنه وقع الاختيار على تصميم المهندس المعماري الشاب Cass Gilbert الذي عاش في الفترة ما بين (1859-1934)، وهو من منطقة سان بول بولاية مينيسوتا وقد حاول من خلال التصميم الكشف عن عناصر معمارية مميزة جديدة "
ويتوسط داخل المبنى بهو رئيسي كبير تعلوه قبة يتوسطها زجاج الذي يتيح لنور الشمس بالدخول وإنارة البهو كما تلف جوانب القبة جداريات رائعة على غرار القباب الرومانية وعن البهو الرئيسي أشارت إلى أن: القبة صُممت على الطراز المعماري الروماني الراقي وتجسد إيقاع حركة الحياة في نيويورك أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن الماضي وهي تحفة فنية بكل المقاييس وقد أجريت تحت هذه القبة كبرى الصفقات التجارية والحكومية العمومية. "
الجداريات والمنحوتات التي تزين المبنى جاءت من أعمال الفنان المشهورDaniel Chester French وتمثل الملاحة البحرية للدول الكبرى العابرة للأطلنطي كما ويتوقف الزائر قبل الدخول أمام التماثيل التي تجسد أنماط العيش مستوحاة من القارات الأربعة : آسيا ، أوروبا ، أفريقيا و أميركا .
الباحثة دي كانيرو أكدت على أهمية القيمة الفنية للمنحوتات الفخمة والتماثيل الجميلة مشيرة أيضا إلى دور الفنانين Louis St. Gaudens و Albert Jaegersفي اخرج هذا العمل الباهر.
عام 1987 تم الانتهاء من أعمال الترميم والصيانة للمبنى الذي تحول الجزء الفني الأهم منه إلى المتحف الوطني لحضارة الهنود الأميركيين فيما خصص جزء منه الى مبنى فيدرالي . وتشير دي كانيرو الى ان :" الفضل في إعادة ترميم وتأهيل المبنى يعود للسيناتور باتريك داني Daniel Patrick Moynihanالذي أنقذه من الهدم عام 1979 .فيما شملت أعمال الترميم إعادة تأهيل الساحات وإطلاق نظام حماية متخصص لمكافحة الحرائق والسلامة وأنظمة التهوئة والتكييف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق