السودان …احتمال الحرب ومآلات السلام
مروة كريديةترحيب الخرطوم بالخطة الافريقية للسلام، الذي جاء عبر رسالة وزير الخارجية أحمد كرتي الخطية التي بعثها لرئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي جان بينغ الأحد الماضي لم يخلو من اتهام الخرطوم لجوبا بالاعتداء المستمر على اراضيها ، ولم يمنع من اعلان حالة الطوارئ في منطقتي "السلام " و "الجبلين " في ولاية النيل الابيض . وبينما تسعى الامم المتحدة التوصل الى اتفاق لتعديل مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة وتأمل دول مجلس الامن التصويت عليه نهاية الاسبوع تدرس الصين معارضة فرض أي عقوبات على الخرطوم وجوبا ان لم يوقفا الصراع .ولا يخفى على أحدٍ تعقيدات الوضع السوداني، فالتوازنات الدقيقة بين دولتي الشمال والجنوب هشة وتحمل في طياتها بزور النزاع القابل للانفجار مالم تعمل كلا الدولتين على تدعيم مسيرة التعاون، لمنع تكرار المواجهات العسكرية حيث تسعى كلا الحكومتين الى مواجهة التحديات الداخلية وترسيخ الاستقرار فيما التنافر حول اقتسام ايرادات النفط نقطة محورية في تأجيج الصراع الذي يجعل القوى الدولية الكبرى كالولايات المتحدة والصين طرفا فيه للحفاظ على مصالحها النفطية .هذا ما يفسر الصراع الحاد في منطقة هجليج التي يسعى كل من الطرفين السيطرة عليها لما تشكله من ثقل اقتصادي ومركزي في انتاج وتصريف النفط حيث تنتج مايقارب 60 الف برميل يوميا كما تضم محطة معالجة علاوة على محطات الضخ للانابيب الناقلة الى موانئ البحر الأحمر، في وقت لم تحسم اتفاقية السلام الشامل المعقودة بين جوبا والخرطوم الملفات الحساسة المتعلقة بالمصالح النفطية المتداخلة إذ تتركز فيه الحقول النفطية على خطوط التماس بين الدولتين .هذا النزاع الذي بدأ في ظل العمل على اتفاقية السلام اواسط عام 2002 لم يحسم الامور حيث شهدت سنوات التفاوض والحكم الانتقالي معارك في منطقة توريت وابيي حتى ولادة دولة الجنوب رسميا ونهائيا في تموز من العام الماضي دون ان يُبت في العديد من المناطق الحدودية المتنازع عليها من اجمالي الخط الحدودي البالغ طوله حوالي 1800 كيلومتر .من ناحية اخرى فإن المركبات العرقية والدينية والاثنية المتنوعة في السودان، ساهمت في تأجيج الخلاف في الولايات الثلاث المتنازع عليها ، وهي ابيي و ولاية جنوب كردفان (جبال النوبة) وولاية النيل الأزرق والتي حاول زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق ان يضعها في اطار اتفاق يحسم النزاع نهائيا؛ غير ان البروتوكولات التي وُقعت انطوت على نصوص هلامية يكتنفها الغموض تعتمد على ما سمي "بالمشاورات الشعبية لتقرير المصير" ؛ وذلك من خلال ايجاد سلتطين تشريعيتين تؤمنان الترتيبات القانونية والادارية لذلك ودمج الجيش الشعبي في اطار مساعدة دولية ، مما ترك الباب مفتوحا على الصراع الذي انعكس في ابيي من خلال التنافس بين قبائل دينقا نقوك الجنوبية وقبائل المسيرية التي توالي حكومة الشمال مما احال الملف الى محكمة لاهاي الدولية التي قررت فيه عام 2009 اعادة ترسيم الحدود؛ وهو مالم يلتزم به الطرفان على حد سواء الامر الذي ادى الى نشر قوات فصل اثيوبية باشراف الامم المتحدة .وفيما شهدت الاشهر الثلاثة المنصرمة تجاذبات سياسية ومعارك عسكرية حادة ادت الى عدم انعقاد القمة بين البشير في سلفاكير ابريل الماضي والى سيطرة جيش الشمال على هجليج اعقبه اعلان الجيش الشعبي الانسحاب منها حيث ان دولة الجنوب لم تلق الدعم المتوقع من حلفائها ،هذه الامور وضعت كافة الاطراف مجددا امام ضرورة تسوية مشتركة للتعاون في الشأن النفطي وعدم الانزلاق مجددا نحو الحرب التي لا تلق تشجيعًا خارجيًا من القوى الإقليمية أو الدولية .وهو ما تبلور فعليا بالمفاوضات التي انطلقت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا حيث تناولت الوضع الامني بالدرجة الاولى، وهدفت لنزع فتيل الازمة. وضمت وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين ونظيره الجنوبي جون كونغ نيون ومسؤولون مدنيون وعسكريون كبار من الطرفين في اجتماعات مغلقة حيث ابقت مفاوضوالاتحاد الافريقي خارج قاعة الاجتماع. واعلن بعدها وزير الاعلام الجنوبي برنابا بنيامين ان الطرفين "مصممان على تجنب العودة للقتال" فيما اتهم الخرطوم بمواصلة قصف المناطق الحدودية.اخيرا؛ فان الوضع السوداني سيبقى مضطربا مالم تعمل كافة الجهات على تحقيق نقلة نوعية في منهجية التفاوض، حيث لم يعد بالامكان الابقاء على انصاف الحلول في وقت تصطدم فيه الوساطة الافريقية بسدود التفاصيل المجزأة مما يضع الامور في حالة تتراوح بين اللاحرب واللاسلم .
مروة كريديةترحيب الخرطوم بالخطة الافريقية للسلام، الذي جاء عبر رسالة وزير الخارجية أحمد كرتي الخطية التي بعثها لرئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي جان بينغ الأحد الماضي لم يخلو من اتهام الخرطوم لجوبا بالاعتداء المستمر على اراضيها ، ولم يمنع من اعلان حالة الطوارئ في منطقتي "السلام " و "الجبلين " في ولاية النيل الابيض . وبينما تسعى الامم المتحدة التوصل الى اتفاق لتعديل مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة وتأمل دول مجلس الامن التصويت عليه نهاية الاسبوع تدرس الصين معارضة فرض أي عقوبات على الخرطوم وجوبا ان لم يوقفا الصراع .ولا يخفى على أحدٍ تعقيدات الوضع السوداني، فالتوازنات الدقيقة بين دولتي الشمال والجنوب هشة وتحمل في طياتها بزور النزاع القابل للانفجار مالم تعمل كلا الدولتين على تدعيم مسيرة التعاون، لمنع تكرار المواجهات العسكرية حيث تسعى كلا الحكومتين الى مواجهة التحديات الداخلية وترسيخ الاستقرار فيما التنافر حول اقتسام ايرادات النفط نقطة محورية في تأجيج الصراع الذي يجعل القوى الدولية الكبرى كالولايات المتحدة والصين طرفا فيه للحفاظ على مصالحها النفطية .هذا ما يفسر الصراع الحاد في منطقة هجليج التي يسعى كل من الطرفين السيطرة عليها لما تشكله من ثقل اقتصادي ومركزي في انتاج وتصريف النفط حيث تنتج مايقارب 60 الف برميل يوميا كما تضم محطة معالجة علاوة على محطات الضخ للانابيب الناقلة الى موانئ البحر الأحمر، في وقت لم تحسم اتفاقية السلام الشامل المعقودة بين جوبا والخرطوم الملفات الحساسة المتعلقة بالمصالح النفطية المتداخلة إذ تتركز فيه الحقول النفطية على خطوط التماس بين الدولتين .هذا النزاع الذي بدأ في ظل العمل على اتفاقية السلام اواسط عام 2002 لم يحسم الامور حيث شهدت سنوات التفاوض والحكم الانتقالي معارك في منطقة توريت وابيي حتى ولادة دولة الجنوب رسميا ونهائيا في تموز من العام الماضي دون ان يُبت في العديد من المناطق الحدودية المتنازع عليها من اجمالي الخط الحدودي البالغ طوله حوالي 1800 كيلومتر .من ناحية اخرى فإن المركبات العرقية والدينية والاثنية المتنوعة في السودان، ساهمت في تأجيج الخلاف في الولايات الثلاث المتنازع عليها ، وهي ابيي و ولاية جنوب كردفان (جبال النوبة) وولاية النيل الأزرق والتي حاول زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق ان يضعها في اطار اتفاق يحسم النزاع نهائيا؛ غير ان البروتوكولات التي وُقعت انطوت على نصوص هلامية يكتنفها الغموض تعتمد على ما سمي "بالمشاورات الشعبية لتقرير المصير" ؛ وذلك من خلال ايجاد سلتطين تشريعيتين تؤمنان الترتيبات القانونية والادارية لذلك ودمج الجيش الشعبي في اطار مساعدة دولية ، مما ترك الباب مفتوحا على الصراع الذي انعكس في ابيي من خلال التنافس بين قبائل دينقا نقوك الجنوبية وقبائل المسيرية التي توالي حكومة الشمال مما احال الملف الى محكمة لاهاي الدولية التي قررت فيه عام 2009 اعادة ترسيم الحدود؛ وهو مالم يلتزم به الطرفان على حد سواء الامر الذي ادى الى نشر قوات فصل اثيوبية باشراف الامم المتحدة .وفيما شهدت الاشهر الثلاثة المنصرمة تجاذبات سياسية ومعارك عسكرية حادة ادت الى عدم انعقاد القمة بين البشير في سلفاكير ابريل الماضي والى سيطرة جيش الشمال على هجليج اعقبه اعلان الجيش الشعبي الانسحاب منها حيث ان دولة الجنوب لم تلق الدعم المتوقع من حلفائها ،هذه الامور وضعت كافة الاطراف مجددا امام ضرورة تسوية مشتركة للتعاون في الشأن النفطي وعدم الانزلاق مجددا نحو الحرب التي لا تلق تشجيعًا خارجيًا من القوى الإقليمية أو الدولية .وهو ما تبلور فعليا بالمفاوضات التي انطلقت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا حيث تناولت الوضع الامني بالدرجة الاولى، وهدفت لنزع فتيل الازمة. وضمت وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين ونظيره الجنوبي جون كونغ نيون ومسؤولون مدنيون وعسكريون كبار من الطرفين في اجتماعات مغلقة حيث ابقت مفاوضوالاتحاد الافريقي خارج قاعة الاجتماع. واعلن بعدها وزير الاعلام الجنوبي برنابا بنيامين ان الطرفين "مصممان على تجنب العودة للقتال" فيما اتهم الخرطوم بمواصلة قصف المناطق الحدودية.اخيرا؛ فان الوضع السوداني سيبقى مضطربا مالم تعمل كافة الجهات على تحقيق نقلة نوعية في منهجية التفاوض، حيث لم يعد بالامكان الابقاء على انصاف الحلول في وقت تصطدم فيه الوساطة الافريقية بسدود التفاصيل المجزأة مما يضع الامور في حالة تتراوح بين اللاحرب واللاسلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق