شلخ الوجه في السودان
تقليد سوداني قديم وسمة تميز الاعراق
تحقيق : مروة كريدية – السودان
تعد عادة شلخ الوجه في السودان من الوسمات التي تميز القبائل عن بعضها البعض ، والشلخ هو عملية احداث ندوب وتشطيب في الوجه بصورة مميزة .
الشلوخ أشكال والوان، ولكل قبيلة شلخها !
حاولنا ان نسبر هذا التقليد من خلال لقاءاتنا مع العديد من المتخصصين في شؤون القبائل السودانية وعاداتهم حيث أن هيئة هذه الندوب تختلف من مجموعة قبلية إلى أخرى وهي سمة مهمة تميز العرق العربي عن سواه من الاعراق السودانية المتنوعة كالزنوج و النوبيين ، وآخرين ممن نزحوا إلالسودان خلال القرن التاسع عشر كالمصريين وغيرهم، ولم يعثر على إشارةصريحة لانتشار عادة الشلوخ بين العرب في جزيرتهم، لكن العرب يستعملون ألفاظاً أخرىللدلالة على عمليات شبيهة بالشلوخ كاللعوط والمشاليوالفصد والوسم والوشم.
وخلال اطلاعي على آثار الحضارة النوبية في منطقة مروي في منطقة البجراوية شمال السودان، لاحظت ان معظم القبائل ومنهم الجعالييين والشوايقة ( الشايقية) ، يعتمدون عادة شلخ الوجه ، وتنفرد قبيلة ( الشايقية) بشلخ خاص بها، وهو عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية متوازية يمتد أوسطها من عند الفم حتى أقصىالخد.
وتختلف هيئة هذه الندوب من قبيلة إلى أخرى وهي تعتبر علامةً تجميلية تزين المظهر وتحسنه، وعند الرجال تعد من علامات النسب والرجولة .
قبيلة الجعليين في شمال السودان يعتمدون عدة اشكال من الشلوخ أهمها :· الشلخ ذو الثلاث خطوط عمودية
· شلخ الواسوق او درب الطير وهو شبيه بالحرف T
· شلخ السلم وهو على شكل حرف H
أما شلخ العارض عند نساء قبيلة العبدلاب في شمال السودان الغربي وهو عبارة عن ثلاثة خطوط عمودية تسند على خط أفقي.
ولقد أكد علماء الانتروبولوجيا، ودارسي الاجناس البشرية ان هذه العادة منتشرة جدًّا في القارة الإفريقية، وهي قديمة تاريخيًّا وتعود لأزمان بعيدة حيث وجدت علامات مشابهة على وجوه الافارقة في الفن المصري القديم منذ القرن الرابع عشر قبل الميلادي.
عادة تزيد المرأة جمالاً! وتعالج من به ألم !
التقينا السيدة عائشة . م ، عمرها 52 عامًا، و تعمل كمعلمة مدرسة ،وهي ربة اسرة وتعيش في العاصمة السودانية الخرطوم، سألناها عن ندوب وجهها فقالت :كان اجدادنا يفعلون ذلك، وكانوا يقولون أن ذلك يجعل الفتاة سمحة ، وانا تعرضت للشلخ في سن الثامنة ، اما في عصرنا الحاضر فإن هذه العادات توفقت وبناتي الآن لم تشلخ وجوههن كما لم يتم ختانهن
اما محمد عبدالله من منطقة مروي فيقول : قبل انتشار الطب الحديث، كان العادات البدائية منتشرة لاغراض طبية وتجميلية وكان القدماء يعتقدون ان هذه الندوب تحمي من أمراض العيون، والصداع وأمراض الرأس كما تساهم في استخراج الاورام، حيث ان الندب يخرج كل السموم الداخلية الموجودة في جسم الانسان
وبالعودة الى الفنون القديمة من صور ومنحوتات أثرية فإن أعمال منحوتات نادرة تعود إلى الفترة المرَّوية أظهرت العديد من الشلوخ على الجبهة، مثل شلوخ القبائل النيلية في رسوم في بيت في الأقصر وفي وسط المصارعين في مدينة حام.
كما وضحت منحوته لرأس نيلي من مدينة هابو ستة شلوخ بالجبهة مطابقة لشلوخ النوير. كما ظهرت أيضاً أخاديد مزدوجة في نحت لرجل كوشي بقاعدة تمثال رمسيس الثاني في الأقصر، حيث ظهر في أحد خديه أخدودان واسعان بصورة لافتة للنظر.
مروة كريدية - د. عمر عبد العزيز |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق