الاثنين، 25 مارس 2013

غسان التويني في ذكرى ميلاده

ظرية الدولة القومية تجاوزها الزمن"
غسّان تويني لـ "إيلاف": الحرب مستبعدة ولن أترشَّح في الانتخابات
• الصحف اللبنانيَّة تنقل الصراعات العربيَّة الى داخل لبنان
• لا هدنة بين النهار وسوريا 
• اعترافات جند الشام فيلم أميركي سخيف
• حزب الله يتصرّف وكأنَّه يحكم لبنان فعلاً
• وقفت ضد اتفاق الدوحة لأنَّ اجتماع اللبنانيين في غير عاصمتهم مرفوض

  
حضر اللقاء:
عثمان العمير  
من لبنان: سمر عبد الملك. نسرين عز الدين. ميّ الياس. 
من السعوديَّة: ناصر الغنيم. فهد سعود. خلف علي الخلف. عبدالله المسعود 
من الإمارات: محمود العوضي. مروة كريديَّة. زيد بينامين. محمد حامد. جلال جلال. 
من بريطانيا: سلطان القحطاني 
من هولندا: عبدالرحمن الماجدي
.
انخرط تويني في دهاليز العمل السياسيّ والدبلوماسيّ المحلي، فمارس السياسة مثلما كان يعلّمها أستاذ السياسة الأوَّل أفلاطون لتلامذته، أي بوصفها مهنة بحث عن الحق والخير. وفي المناصب العديدة التي تبوّأها، نائباً ووزيراً وسفيراً، كان تويني يبدو أقرب إلى فيلسوف أثينيّ منه إلى زعماء الإقطاع اللبنانيّ.
غسان تويني لبّى دعوة ناشر ورئيس تحرير "إيلاف" عثمان العمير إلى لقاء في أبو ظبي، حيث التقته أسرة الصحيفة على هامش "مؤتمر الإعلام الإلكتروني: التحديات والفرص"، الذي انعقد في الإمارة برعاية مشتركة من وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الإمارات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وصحيفة "إيلاف".
فاجأ العمير أسرة "إيلاف" بموعد اللقاء، فلم يترك متسعًا إلا للحماسة. تقدَّم تويني ببطء ليجلس فوق الكرسي المخصّص له وسط الجمع، فبادره ناشر "إيلاف" بكلمة ترحيب كسرت صمت اللحظات الأولى، ليردّ تويني مازحًا: "يبدو أنّك خطيب". بعدها، عرَّف العمير بفريق العمل "خليطاً من مختلف البلدان والانتماءات السياسيَّة".
حين كاد عون يودي بحياة... تويني!
كتّاب إيلاف:انطباعات عن اللقاء 
احتفالا بعيد ميلاد غسان تويني الـ85شاكر النابلسي: غسان تويني المدرسة الأمهاني نقشبندي (إعلامي سعودي): 
غسان تويني: في عروقه الحبر يسير
د. سيّار الجَميل: 
غسان تويني عميد الصحافة اللبنانية وصرح الإعلام العربي
العفيف الأخضر: 
غسان تويني: أسطورته هي حقيقته
خلف علي الخلفغسان تويني ذاكرة قرن
استهلّ تويني حديثه شارحاً بأسلوب ساخر أسباب العارض الصحيّ الذي ألمّ به أخيراً عندما كان يحضر جلسة الحوار الوطني اللبناني في القصر الجمهوريّ يوم الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، فروى أنَّ "ضغطه هبط" عندما شرع الجنرال ميشال عون في قراءة خطته الدفاعيَّة. ولم يستفق تويني من الغيبوبة إلا بعد أن استدعى رئيس الجمهوريَّة العماد ميشال سليمان فريقه الصحيّ الخاص الذي تولَّى نقل تويني في موكب رئاسيّ إلى مستشفى الجامعة الأميركيَّة في بيروت. وعقِّب تويني بالأسلوب الممازح نفسه: "حين رأى الناس موكبًا رئاسياً متّجهاً بصخبه وضجيجه إلى مستشفى الجامعة الأميركيَّة فرحوا، لكنَّ ظنَّهم سرعان ما خاب بعد ذلك حين علموا الحقيقة، خصوصًا أنّهم معتادون على ذهابي دورياً إلى المستشفى".
وتويني مقتنع بالنظريَّة القائلة إنَّ "الراحة ليست علاجاً"، شارحاً أنَّ "من يعاني من تعب ما ويتعمَّد أخذ استراحة، تأخذ كل نقاط الضعف فيه حدها الأبعد، وتنعدم فعاليَّة المقاومة في الجسد".
سعيد تقيّ الدين والشيعة
وعاد تويني ليروي أنَّ الجنرال عون استهلّ حديثه عن استراتيجيّته الدفاعية خلال الجلسة المذكورة بالقول: "كلّ مواطن مقاوم"، في استلهام لقول الكاتب سعيد تقيّ الدين "كل مواطن خفير"، وتابع الجنرال أنَّّ ما يريده هو خلق مجتمع مقاوم. وأوضح تويني في هذا السياق أنَّه كان "أوّل من استخدم التعبير"، وذلك في مناسبة كانت تجمعه مع الإمام موسى الصدر. وأضاف: "عون يستسهل نسبة كل شيء إلى نفسه، فهو أخذ الخطة وعمّمها قائلاً إنَّ على كل لبنانيّ أن يصبح مقاومًا". ولم يفته في مناسبة الحديث عن الخطَّة الدفاعيَّة وموقع لبنان في الصراع الإقليميّ الإشارة إلى أنَّ "الطائفة الشيعيَّة مظلومة بصورة العنف التي تسبغ عليها"، موضحًا أنَّ لهذه الطائفة "بعدًا روحانيًّا، وتنتسب إلى جذور دينيَّة ترتبط بالصوفيَّة بشكل وثيق".
من اليمين الى اليسار:عثمان العمير. غسان تويني. سلطان القحطاني. ميّ الياس
في الصف الثاني: محمد حامد. نسرين عز الدين. عبدالله المسعود. سمر عبد الملك. مروة كريديّة. فهد سعود. عبد الرحمن الماجدي. زيد بنيامين. ناصر الغنيم.
الحرب... مستبعدة!
في ردّ على سؤال حول رؤيته للأوضاع الراهنة في لبنان، لفت تويني إلى أنَّ على الصحافيين الانتباه أنّ عملهم في هذه المهنة لا يعني أنّهم "منجمون مغربيون"، وبالتالي، على الصحافي أن يكتب ماذا حدث وليس ماذا سيحدث. وأضاف تويني أنَّ "الحرب لن تعود مجدداً"، موضحًا أنَّ الحروب "لا تحصل مجاناً"، وهي لن تحصل حالياً طالما أنَّ "لا مصلحة خلال الفترة الراهنة لأيّ دولة في العالم لتمويل هذه الحرب". وأضاف تويني: "لو قمنا بتحليل مصالح الدول الآن، لوجدنا أنَّه حتى سوريا نفسها ليس لديها مصلحة في تمويل حرب في لبنان" خلال هذه المرحلة.
لحم اللبنانيّين ومدافع الآخرين
يبدي تويني اعتراضه حين ترد على مسامعه عبارة "الصحافة المحليَّة"، نافياً أن يكون ثمَّة ما يمكن تسميته صحافة محليَّة بصورة عامَّة. يقول: "هناك صحف في لبنان، ولا يوجد ما يجمع بين الديار والنهار والسفير والأنوار..."، لافتًا إلى أنَّ المشكلة تتمثَّل في أنَّ الصحف اللبنانيَّة، باستثناء قلّة منها ربما، "أصبحت تنقل الصراعات العربيَّة إلى داخل لبنان". وفي هذا السياق، استعاد تويني بالذاكرة الانتقادات الكثيرة التي انهالت عليه حين نشر بالفرنسيَّة كتابه Une Guerre pour les Autres (حرب من أجل الآخرين)، وذلك في العاصمة الفرنسيَّة باريس في العام 1985. وقال: "سئلت حينها لماذا لم أنشر الكتاب باللغة العربيَّة، فأجبت: أريد الإحتفاظ بكم صديق!". ويقرأ تويني في الكتاب أسباب الحرب اللبنانيَّة، ويحلّل مواقف مختلف الأطراف ويقرأ "شجرة نسبها". ويعدّ الكتاب بمثابة رد على كلّ من قالوا إنَّ الحرب اللبنانيَّة هي حرب الآخرين، وهو أكَّد ذلك بالقول: "لقد كانت حرب من أجل الآخرين، استخدم فيها لحم اللبنانيين وقودًا للمدافع".
الصحافة الورقيَّة باقية
وعارض تويني بشدّة ما ذهب إليه عثمان العمير من أنَّ "الصحافة الورقيَّة ذاهبة إلى المتاحف"، وذلك في الكلمة الاستهلاليَّة التي افتتح بها مؤتمر "الإعلام الإلكترونيّ". وفي هذا الإطار، استذكر تويني محاضرة لوالده جبران ألقاها مؤسِّس النهار مع انطلاق النشرات الإذاعيَّة الإخباريَّة، وقدَّم فيها تحليلاً شرح فيه أنَّ "الإنسان يشعر بالورق وكأنَّه جزء من جلده". وشرح تويني أنَّ الورق يختزن أمرًا حسيّاً، لا طاقة لأجهزة الحاسوب على اختزانه". كيف يبرِّر تويني إذًا قرار صحيفة كريستيان ساينس مونيتور بالتحوّل من صحيفة ورقيَّة إلى إلكترونيَّة؟ يقول: "لقد أقفلت لأنَّها أساسًا كانت تعاني من ضعف الإقبال على نسختها الورقيَّة".
قمباز في نيويورك
ويتذكّر تويني، الذي عيّن سفيرًا لبلاده لدى الولايات المتّحدة الأميركيَّة بعد حرب العام 1967، ثمّ مندوبًا للبنان لدى الأمم المتّحدة خلال الحرب الأهليَّة، تلك الأيام بحنين. وهو يختار حادثة من ذلك الزمن ليتوقّف عندها. يقول: "اتفقنا، جميع السفراء العرب الممثلين لبلداننا في حينها، أن نلتقي على الغداء كلّ يوم سبت، ومهما اشتدت حدَّة الخلافات بين دولنا". ويضيف: "لقد كان الاتفاق يقضي بأن يرتدي كلّ منَّا إلى الغداء الزي الوطنيّ الممثِّل لبلاده، سواء كان العباءة أو الدشداشة أو القمباز". وبالطبع، كان يستحيل على غسان تويني أن يعثر في أيّ من مخازن نيويورك على زيّ وطنيّ جاهز يمثِّل بلاده. يقول: "اضطررت حينها إلى أن أخيط قمبازًا، لكنّني لم أوفق في العثور على شخص يصنع لي الزنّار الذي يكمل الزيّ". وما زال تويني يحتفظ حتى الآن بهذا الزيّ، ويرتديه بين فترة وأخرى. 
النهار وسوريا... والهدنة المستحيلةويردّ تويني، الذي واجه المحن والشدائد بإرادة لا تعرف المهادنة أو اللين، وقدّم على مذبح الحركة الاستقلاليَّة الثانية ابنه جبران تويني، رئيس تحرير النّهار والنائب عن بيروت الذي اغتيل في الشهر الأخير من العام 2005 أثناء موجة الاغتيالات التي طالت قياديِّي 14 آذار، على مقولة إنَّ جريدة النهار تنشر للكتّاب السوريين أثناء فترات تعكر صفو العلاقة مع النظام السوري، وتتوقف عن النشر لهم حين تكون هناك هدنة معه بالقول: "لم يكن بيننا والنظام السوريّ أيّ هدنة في أيّ وقت"، مشيرًا إلى "قافلة من الشهداء قدّمتهم النهار، وبينهم الكاتب سمير قصير، الذين اعترفوا هم بأنّهم قتلوه، فضلاً عن ابني جبران، وقبلهما رياض طه وكامل مروّة، الذي ألقي القبض على قاتله ثم سمح له لاحقًا بالهرب من السجن". ويجدر بنا في هذا السياق التذكير بأنَّ غسان تويني طالب، في أعقاب اغتيال ابنه جبران، بالترفع عن الرغبة في الانتقام، والتفرغ لبناء لبنان. وقد خرجت صحيفة النّهار على قرائها في اليوم التالي بمانشيت خطّها بقلمه، وتجلّت فيها إرادة الحياة بأبهى صورها: "جبران لم يمت والنهار باقية".
وتابع تويني موضحاً أنَّ النهار تنشر مقالات وآراء "الكتّاب السوريين غير المتطرِّفين"، مشيرًا إلى أنَّها قلّلت في الآونة الأخيرة من الاندفاعة نحو نشر مقالات كتَّاب "يبالغون في التطرف"، معتبراً أنَّ "التطرف في المواقف والكلمات ضدّ سوريا انطلاقاً من لبنان فعل لا ينطوي على أيّ بطولة". وهو أضاف: "لدى اثنين من الكتاب السوريين - لن أذكر أسماءهم - مكاتب في النهار"، مؤكدًا أنَّ خط الصحيفة "نحن نقرره، وليس هم"، نافياً وجود أيّ "علاقة لنا مع النظام السوريّ".
من اليمن إلى اليسار: عثمان العمير. غسان تويني. سلطان القحطاني. ميّ الياس
في الصف الثاني: نسرين عز الدين. عبدالله المسعود. سمر عبد الملك. مروة كريدية. خلف خلف. فهد سعود. ناصر الغنيم
رياض الريس شتمني
ماذا في تفاصيل العلاقة المضطربة بين النهار والكاتب الصحافي رياض نجيب الريس، الذي سبق ونشر مقالاً كتب فيه أنَّ النهار أوقفته عن الكتابة؟ يقول تويني: "لعلّ رياض نجيب الريس صاحب خيال خصب، وهو لم يمدحنا أبدًا بل شتم كلّ من يعمل في النهار". ويضيف: "ليس صحيحًا أنَّ الانسان يمكن أن يتحرر من عواطفه. أقول ذلك وأنا أفكِّر كم يذكرني رياض نجيب الريس بوالده الذي كان أعز صديق لوالدي، وكيف كانت النهار منتشرة في سوريا بقدر انتشارها في لبنان". ويتابع تويني: "أتذكر كيف كان والدي يروي بفخر قصّة نفاذ مادّة الرصاص، وكيف أرسلوا بالقطار الى سوريا مادّة الرصاص ليطبعوا في جريدة الأيام". 
وأضاف تويني أنَّ رياض نجيب الريس عاد إلى الكتابة في صحيفة النّهار بالرغم من اعتراض البعض، والذين استغربوا "كيف نرجع إلى الكتابة شخصًا أطلق مجلة لكيل الشتائم لنا لمدّة ثلاثة أشهر؟!" (المجلَّة المعنيَّة هي مجلَّة النقاد الأسبوعيَّة التي صدرت بين مطلع العام 2000 ومنتصف العام 2003). وأوضح تويني أنَّه ردّ على منتقديه في حينها بالقول: "من يشتمني لا أقرأه". وهو شرح أنَّه لم يجب بحرف واحد على ما كان يكتبه الريِّس، لافتًا إلى العلاقة التي تربطه بالريس جيِّدة، بدليل أنَّه ما زال يواظب على "زيارة النهار كل يوم ثلاثاء، فيخرج هو وفرنسوا عقل (رئيس التحرير في النهار) لتناول الغداء معاً، ويقومان بين وقت وآخر بدعوتي للخروج معهم". وختم تويني أنَّه حين قرّر "فرنسوا عقل استكتاب رياض الريس مجددًا، فعل ذلك وأنا دعمت قراره".
فيلم أميركي سخيف
عن العلاقة الحاليَّة بين لبنان وسوريا، قال تويني إنَّ السوريين "أقحموا أنفسهم في شأن داخليّ حين نشروا اعترافات لجند الشام تبيَّن لاحقًا أنَّها كاذبة. وبثت المستقبل اعترافات مناقضة". وتساءل تويني: "أين هي الحقيقة، ومن هم جند الشام؟ هل هم شوام ينتمون لسوريا، أم أعداء لها؟ على الصحافي ألا يخجل حين يقول إنَّه لا يعرف. وأنا شخصياً لا أعرف من هم جند الشام، لكنَّ ما رأيناه في الإعلام كان أشبه بفيلم أميركيّ طويل وسخيف".
وأضاف تويني متسائلاً: "أكثر من ذلك، نشرت سوريا عشرة آلاف جندي على الحدود الشمالية للبنان تحت شعار منع التسلل، فمن يصدق أنَّ هناك تسللاً؟".
وعن قانون الانتخابات الذي اعتمد في بيروت، قال تويني: "كي لا يبقى رئيس مجلس النواب نبيه بري واضعاً مشروع القانون في درج المجلس ومقفلاً عليه، أخذنا مشروع القانون وحصلنا على تواقيع ثمانية نواب عليه (وهو الحدّ الأدنى المطلوب لمناقشة القانون في المجلس). وقد مر القانون كما ترون، ومر تقسيم الدوائر تماماً مثلما مرَّ اتفاق الدوحة، علماً أنَّني كنت ضد هذا الاتفاق، والسبب أنَّ اجتماع اللبنانيين في أي عاصمة أخرى غير عاصمتهم بيروت ليس أمرًا طبيعيّاً. فحتى اتفاق الطائف، لم أحضره شخصياً". 
أمَّا عن تداعيات أحداث السابع من أيَّار (مايو) 2008 ودور حزب الله في لبنان، فقال تويني: "الربح والخسارة مسألة نسبية"، وتسائل: "هل يطمح حزب الله إلى أن يحكم لبنان؟ الحزب يجيب بالنفي على هذا السؤال، لكنَّه لا يتصرف على هذا الأساس، بل يتصرف وكأنَّه يحكم البلد فعلاً".
القومية تجاوزها الزمن 
وروى تويني أنَّ كان منتسبًا إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي، شارحاً أنَّه تولى "قيادة هذا الحزب وقد سجنت مرتين أو ثلاث مرات بسبب عضويتي فيه، وما زلت أحتفظ في مكتبي بصورة التقطت لي حين كنت في السجن". ولفت تويني إلى أنَّ القوميِّين السوريين يسيرون على هدي العقائديَّة، و"يعتبرون أنَّ الشام عاصمة سوريا الطبيعية، وبالتالي فإنَّ الوحدة السورية ستتحقَّق، عاجلا أم آجلاً". وأضاف: "الهدف العقائدي الذي يسعى خلفه القوميِّون يأسرهم، لأنََّ إخواننا السوريين يكيّفون عقيدتهم بحسب ما تقتضي الظروف، ويتمتّعون بالمرونة في اجتهاداتهم. والدليل على ذلك أنَّ تاريخ العلاقة بين شطري حزب البعث في العراق وسوريا لم تكن بتلك العلاقة المشرقة". وأضاف تويني معقِّباً: "نظرية الدولة القومية تجاوزها الزمن".
هكذا سقط بشارة الخوري!
"يمكن للشخص أن يكتب قواعد الحكم في لبنان استنتاجًا من الثوابت بسهولة"، قال تويني، موضحًا أنَّ القطيعة بين رئيس الجمهوريَّة ورئيس الحكومة في لبنان تؤدي حكمًا إلى إسقاط رئيس الجمهورية، "وهكذا سقط بشارة الخوري".
وأشار تويني إلى أنَّه حرص على الاحتفاظ بعلاقة جيِّدة بالرئيس نبيه بريّ، "لأنّك إن أردت التوصل إلى نتيجة ما عبر النظام، فيجب أن تتعامل مع رئيس مجلس النواب". وأوضح تويني أنّه واظب على لقاء بريّ مرّة أو مرتين أسبوعيّاً "وكنت أعطي تصريحا صحافياً بعد اللقاء، وفي حالات عدم الاتّفاق، كنت أبيّن الاختلاف من دون التسبب بأيّ إحراج لبريّ"، لافتًا إلى أنَّ رئيس المجلس ليس معروفاً بالتحفظ، "ولكن هناك تحفظ يمكنني أن أساعده على تجاوزه".
وروى تويني كيف أنَّ الخلاف بين رئاسة مجلس النوّاب ورئاسة الحكومة ينعكس سلبًا على لبنان. فمثلاً، "أخّر هذا الخلاف زيارة رئيس البرلمان الأوروبي إلى بيروت لمدّة سنة"، وذلك حين اشترط رئيس البرلمان الأوروبي في حينها بأنَّه إذا كان سيزور لبنان، فيريد أن يلقي كلمة أمام مجلس النواب. ووافق بري لكنَّه اشترط أن يعقد جلسة لمجلس النواب لا تحضرها الحكومة، موضحًا "أنَّه لا يعترف بشرعيّة حكومة فؤاد السنيورة". ويضيف تويني: "توصلنا في النهاية إلى صيغة توافقيَّة، لكن الزيارة حصلت متأخرة سنة كاملة عن موعدها".
نائب بالترضية
ووصف تويني انتخابه نائباً في البرلمان اللبناني في أعقاب اغتيال ابنه جبران بأنَّه "جائزة ترضية"، شارحاً أنَّ نبيه بريّ هو الذي شجعه على الترشّح للمنصب. ولفت تويني إلى أنَّه حين ترك السياسة والجريدة وسلّم مقاليدها لابنه الرحل، جاء "القرار عن زهد وتعب، لنَّ لا أحد يأخذ دوره ودور غيره". وأضاف: "لكنَّني اضطررت إلى العودة" واصفًا انتخابه بأنَّه "تكريم ضخم، خصوصاً أنَّ أيّ أرثوذكسيّ لم يترشَّح ضدي"، وهو ختم أنَّ ذاك الترشَّح "سيكون الأخير".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق