الاثنين، 25 مارس 2013

العمليات الانتحارية بين الجريمة والجهاد المقدس



العمليات الانتحارية بين الجريمة والجهاد المقدس
 
 
كتبت : مروة كريدية
 
الفوضى الفكرية والفتوى الغائبة !
 
شَكلت قضية العمليات الانتحارية  قضية مقلقة للرأي العالمي لا سيما في المجتمعات المدنية ،  وفيما تسعى منظمات العمل الانساني والحقوق المدنية وجمعيات حل النزاعات و جماعات اللاعنف المنتشرة في العالم إلى إرساء قواعد ترقى بالانسان عن سفك الدماء بغض النظر عن معتقده ودينه وظروفه، وفيما تسعى الدول المتطورة الى إلغاء عقوبة الاعدام حتى بحق المدانين بجرائم صريحة ، نجد أن الفوضى الفكرية التي تعم الدول "العربية والاسلامية " تدفع بأبناء هذه المنطقة الى أتون مجهولٍ من العنف ومزيد من سفك الدماء .
 
خطورة هذه العمليات انها تُمارس تحت شعار "الاستشهاد "؛ اي بذريعة لاهوتية يعتقد من خلالها المنفذ أنه يُقدم نفسه "قربانًا " للاله كي يدخله "فسيح جنانه !
 
لذلك من الاهمية بمكان من طرح الموضوع على من "يتقلدون مناصب الافتاء الرسمية" للوقوف على حقيقة الاحكام ، كونهم هم المطالبون بتحديد ماهية "الجهاد" والذي يسعى معظم "الارهابيين " الى الاحتماء بمفهومه والاستظلال بمظلته واطلاق فتاوى الانتحار من تحت شعاره ، بحيث تضيع الضوابط فلا يُعرف متى يكون "الجهاد جهادً" ومتى يكون "تعديّا وإرهابًا وسفكًا للدماء .
 
إن الخلفية "الفقهية " والتشريع الاسلامي يَضع الكثير من رجال الدين المسلمين في "حرج"، - وهو ما لمسته عند كثير ممن التقيتهم – ممن تفادوا الرد المباشر على أسئلتي متذرعين بأن – إعطاء حكم شرعي يتطلب دراسة الظروف المحيطة جيدًّا والقرائن المرافقة له -  وان الفتوى الصريحة تحتاج الى مجمع فقهي يتخذ منها موقفًا موحَدًّا كون ما يُعرف ب "الجهاد" لا سيما الدفاعي منه فريضة لا يستطيعون تعطيلها خصوصًا ان كانت بلاد المسلمين واقعة – تحت الاحتلال ؛ مع ما يتطلب ذلك منهم من مواقف واضحة تجاه مفهومي "الولاء" و "البراء" وتحديد وتوصيف من هو "العدو"؛ فما يعتبره البعض انتحارًا قاتلا يعده آخرون "فضيلة وجهادًا و"استشهادًا " مقدسًا .
 
هذه السجالات شغلت الكثيرين ممن يشتغلون فيما يُعرف بعلم التأصيل والتأويل في نصوص "آيات الأحكام " وحديثه " دون أن يتوصلوا فيها لنتائج حاسمة جازمة ومواقف صريحة يخرجون بها الى المجتمع الدولي ويعلنوا منها موقفهم صراحة "كمسلمين" .
وبالتالي فإن مناقشة الجزئيات والفروع  المنبثقة عن المبدأ العام لا يمكن مناقشتها في ظل غياب الاتفاق على المبدأ العام .
 
من ناحية أخرى فإن القوى العلمانية ممن يؤمنون بضرورة وجود الدولة العلمانية والمجتمع المدني في الدول العربية والاسلامية  ممن ضاقوا ذرعًا بفوضى فتاوى "بن لادن " وسكوت "الافتاء الرسمي العربي" وصمت بعض الأنظمة العربية عن ادانة العنف كونها هي نفسها متورطة بأشكاله بحق أبنائها ..كل هذه العوامل دفعتهم  الى اتخاذ مواقف شاجبة تجاه كل أشكال "رجال الدين " الرسمي منه المعروف بالمعتدل والمتطرف المتشنج في آن معًا .
ويبقى المشهد من العراق الى أفغانستان دمويًّا فيما العنف يستشري في دوامة لا متناهية في صورة تطل على الحضارة البشرية بأبشع صورها وأزماتها تكاد تكون وصمة عار على جبين الانسانية .
 
خليل الميس : البحث عن الاسباب …. الظلم لا نمطي يواجه بعمليات لانمطية !
 
وفي سياق متصل أجرينا هذا الحوار مع رجل يُصنف من المفتين الرسميين المعتمدين والمعروفين بمواقفهم "المعتدلة"، وهو رجل أصول الفقه والقواعد بامتياز ، وقد تميز بمواقفه المنفتحة في العديد من القضايا الفكرية انه مفتي زحلة والبقاع اللبناني خليل الميس .
 
إلتقيته ولم يكن في بالي الا محورًا واحدًا اريد ان أسئله عنه وذلك بهدف ان أجعله جزءًا من تقرير اوسع يشتمل على أراء متخصصين آخرين. وكنت أسعى في حقيقة الامر الى محاولة انتزاع موقف "شرعي" واضح من رجل إفتاء رسمي بقضية تُعدّ الأخطر في الواقع الاسلامي  وهي العمليات "الانتحارية".
 
فوجدت نفسي أمام شخص تفادى الإجابة الحاسمة في الموضوع مغيّرًا مسار الحوار، بل كان يعيد انتاج السؤال بسؤال عن الاسباب الكامنة وراء ذلك بدلا من الإفادة بموقف مباشر…معتبرًا أن الظلم والحيف المتراكم والممتد طيلة القرن المنصرم والقهر التاريخي ولّد عنفًا لا نمطيًّا وان معالجة جذور المشكلة هو الحلقة الأهم وهو بيت القصيد بدلا من توصيف الظاهرة وإدانة اشكالها التي ما ظهرت لولا الخلل الواضح .
وإني أنقل للقارئ الحديث كما هو بعفويته
 
 
إن الأوضاع المأزومة من العراق إلى أفغانستان مرورًا بالموضوع الشائك الفلسطيني الإسرائيلي، يجعلنا دومًا نطرح اسئلة حول ما يحصل من عنف ينفذه شباب صغار مغرر بهم ، بما يعرف بالعمليات الانتحارية والتي يعتبرها منفذوها انها "عمليات بطولية " أو "استشهادية"؟  
 
إن الظلم الواقع على الشعوب لا يرفعه إلا الاستشهاد !
 
ولكن ماهو المعيار والحد الفاصل بين الاستشهاد والانتحار من وجهة نظر "الاسلام الرسمي " ؟ فمتى يكون انتحارا ومتى يكون استشهادًا من الناحية الفقهية والشرعية ؟
 
يجب علينا البحث عن الاسباب والسؤال عنها…. إنه عملكم انتم المثقفون والباحثون والمفكرون … وعمل النخب ….وهو البحث عن الأسباب الدافعة لذلك وتوصيفها والقضاء على الظلم…
 ماهو الدافع لأن يقدم الانسان على فعل ذلك؟ هذا هو السؤال وهذا هو ما ينبغي ان نبحث عنه .
 
 
لنفترض جدلا انه "استشهاد" من اجل رفع "الظلم " ( علما اني شخصيًّا اناهض كل أشكال العنف ولا أؤمن بوجود حرب عادلة ، كما أنّي أرفض تعرض النفس الانسانية للموت والهلاك أيا كان السبب و لا أجد له مسوغًا)… ولكن كيف لنا ان نفهم ذلك؟  فهل الانسان "قربان " يُسفك وان كان من اجل قضية سمّها ان شئت "عادلة" ؟
 
 كانت الحروب في السابق مبارزة بين صفين … وكان يقف خلف المبارز الواحد بداية المعركة جيش… واليوم، الذي يُبارز من وراءه ؟ اليوم لا يوجد وراءه أحد انه يقاتل بنفسه عن الأمة…
 
ولكن اين ذهبت الأطر الرسمية ؟ وهذه الاعمال تُسقط كل اعتبار للنظام !
 
مَْن يرفع الضيم والمعاناة اليوم ؟ الآن تخلّى النظام عن الأمة … الأنظمة تخلت… والأمّة تولد أمة ولا تولد كنظام …
 
ألا ترى انها حالة غير مقبولة ؟
 
إلا عند المسلمين ! لم يتركوا لهم خيارًا لم يبق أمامهم إلا هذا … وصَلوا إلى نقطة اللاعودة …
 
عن جدلية علاقة "الانظمة" ب "القضية الفلسطينية " …لا سيما بعد أزمة النظام المصري مع خلية حزب الله (لا اريد الدخول في الموضوع) ولكن هناك طرق  لا يمكن للانظمة ان تقبل بها .. كيف ترى ذلك ؟   
 
لقد عشت مع القضية الفلسطينية بكل مراحلها وتفاصيلها  … فلسطين مُحتَلة… الافضل : ان تُحَوّل الأنظمة عنها…( ايران – العرب ….) فليتركوها ! اتركوها يا أخي… اتركوها لفلسطين …فلسطين أتركوها لفلسطين … فلسطين تدافع عن نفسها بنفسها .
وهل يُعقل أن نُمرر فواتير إيران على ظهر الفلسطينيين ؟!
فلسطين أُرهقت كفاها معاناة.. ويأتي من يريد ان يمرر فواتير سياسية واقليمية على ظهورالمظلومين …
أقول أتركوا القضية أتركوا فلسطين ليس عندها ما تُعطي .
 
 
انت في موقع إفتاء وكنت أتوقع منك جوابًا عما يحصل من عمليات ! كيف تفتي في الموضوع ؟
أنا أُفتي من يُريد أن يَستشهد لا من يريد ان يبعث إستشهاديين !
 
ولكن الا يجب علينا إدانة أعمال من هذا النوع مهما كانت دوافعه؟ بصراحة  كنت اريد منك جوابًا واضحًا وصريحًا بعدم شرعيته؟
نعم أكرر لك ، إنّ الظلم اللانمطي يواجه بعمليات لا نمطية !
الأجدى أن تسألي لمنع الأسباب… لا لأن نمنعه هو .
 
هل أفتيت في هذا الموضوع ؟ ما يحصل في العراق يوميا حتى بين المذاهب في الطائفة الواحدة أمر مقلق للغاية !
لا نعرف حقيقة ما يجري هنا وهناك.. ولا نعرف الاهداف ولا ماهية حقيقة قضيتهم وجوهرها …. نحن لا نُستفْتَى فيما يعملوه…لا نعرفهم …
مراجعهم دينية لأنفسهم وهم  يأخذون فتوى مراجعهم ، ويعتبرون أن حكام السلطة لا يسمعون لفتاويهم .
وقد أشرت لك أني أفتي من يريد أن يستشهد هو نفسه شخصيًّا لا من يبعثه او يرسله أو يقف وراءه…
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق