الخميس، 28 مارس 2013

واشنطن وقضية دارفور


مصطفى عثمان اسماعيل  يتحدث الى مروة كريدية 



مصطفى عثمان اسماعيل :
"قضيةدارفور مضخمة اعلاميا تستغل من قبل واشنطن"
مروة كريدية – الخرطوم – السودان
رأى الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس جمهورية السوداني ووزير الخارجية الأسبق أن قضية دارفور مضخمة إعلاميًّا ومُستغلة من قبل الادارة الأميركية بهدف تغطية فشلها الذريع في العراق، و يشكك في حيادية تقارير الامم المتحدة حول ضحايا العنف في الاقليم المذكور، نافيًا ان يكون هناك تطهيرًا عرقيًّا ، متهمًا إسرائيل بأنها تريد أن تجعل من إقليم دارفور ساحة معركة بينها وبين العرب، ويخلص الدكتور مصطفى اسماعيل الى نتيجة مفادها أن قضية دارفور هي تحدي للامة العربية كلها وليست مسألة سودانية وحسب .
يلقب البعض رأى الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل بأنه راعي الدبلوماسية السودانية ويطلق عليه آخرون مهندس العلاقات الخارجية؛ فهوأحد أهم صُناع انفتاح السودان على العالم ، سيما بعد مرحلة الانغلاق والتوترات التي شهدتها سياسات السودان الداخلية والخارجية خلال فترة التسعينات عقب وصول البشير الى سدة الحكم .
mousta


و يصفه أحد الدبلوماسيين الغربيين بالقول "إن أسلوبه في التفاوض مختلف عمن سبقوه، حيث لا يميل الى الجدل الدائري والحجاج الحلزوني، ولكن يعترف بالأخطاء وينفذ الى تطويرمواقف عملية بناءة" . يطلق عليه السفراء الأجانب في الخرطوم لقب"مستر سمايل "وذلكبدلا عن مستر اسماعيل نسبة لابتسامته الدائمة التي يقابل بها أحرج المواقف"
قصدناه في مكتبه وهدفنا الأساس يتمحور حول قضية دارفور بشكلٍ أساسي ونحمل في جعبتنا الكثير من التساؤلات حول البعد الانساني للأزمة ، غير أن وجهة نظره  لا تختلف كثيرا عن وجهة النظر الرسمية للحكومة السودانية التي أعلنها البشير في أكثر من مكان .

120963
عثمان حاول الانطلاق في حديثه معنا حول دارفور من خلال قراءة الواقع الدولي فقال:"قطعًا نحن في سنة تشهد تغيرات عديدة ونحن مطالبين بأن نضع أجندة نواجه بها إدارة أميركية جديدة.. وأمامنا رئيس روسي جديد كما ان الرئيس الصيني جدد له….وكل ذلك يؤثر على مستوى الأمور ، فالتصورات العالمية لا بد من وضعها في الحسبان…فأنظار العالم اليوم تتجه نحو أفريقيا ومع ان ثلثي العرب في أفريقيا نكاد لا نجد رئيس عربي زار جنوب الصحراء ، وعلينا كعرب أن نرتب أجندتنا الخارجية بما يصب في مصلحة الامن القومي العربي " 
عثمان لم ينف وجود المشكلة وأشار بالقول :" هناك مشكلة وأزمة في دارفور…غير أن قضية دارفور أُريد لها التصعيد والتضخيم الاعلامي  بأكبر قدر ممكن لكي تغطي على قضية أخرى تحاصر الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية وهي المعاناة العراقية"  مضيفا ان "تقارير الأمم المتحدة تشير الى وجود حوالي مئتي ألف قتيل في دارفور؛ والتي نعتقد نحن في السودان أنها تقارير  مشكوك فيها. وانها تقارير المنظمات الغربية التي لا تسعى لمصلحة دارفور …. ومن يتابع الإعلام الغربي يجد تضخيمًا واضحاً للأوضاع في دارفور وكأن ما يجرى فيها اخطر مما يجري في العراق .. فعدد القتلى في العراق أكثر من مليون..! "
120963
وعن الدور العربي في حل أزمة دارفور قال :" قضية دارفور قضية تؤرق المواطن العربي وأصبحت الآن تُستغل من قبل القوى المعادية للسودان، وأن المساهمات العربية في حل الأزمة تكون عبر ثلاثة مسارات رئيسة هي:
أولها : الجانب الإنساني، والعرب إلتزامهم جيد في هذا الجانب وهم مستمرين في الدعم .
ثانيها :المسار الأمني وهو مرتبط بالقوة العربية-الأفريقية، ونشيد بدور مصر لإرسالها ثلاثة كتائب إلى دارفور"
مضيفا أن المساهمات العسكرية من الدول العربية في أفريقيا في القوات المختلطة من الاتحاد الإفريقي والامم المتحدة سيصل عددها الى حوالي ستة وعشرين ألف جندي .
المسار الثالث:وهو "المسار السياسي وهو يُعالج من قبل دول عربية أهمها مصر وليبيا والجامعة العربية مما يساهم في دفع جهود المفاوضات حول دارفور ..هناك ايضا ترتيب لعقد موتمر اسلامي "
120963

وعن العلاقات العربية الافريقية أفاد عثمان الى أن هناك عملا عربيًّا- إفريقيًّا مشتركًا  ومميزًا، لمواجهة التحديات مؤكدًّا أنه "علينا ألا ننسى أن دافور مجتمع قبلي متنوع عربي إفريقي وهوخليط  مستمر منذ أكثر من 400 عام ، بحيث أن احداً لا يستطيع أن يميز بين عربي وإفريقي، وبالرغم من كل هذا أرادت القوى الخارجية المعادية أن تستغل قضية دارفور لدقّ الإسفين في العلاقات العربية الإفريقية ، حين زعمت  أن ما يجري في دارفور هو عملية إبادة للعرق الإفريقي من قبل العرق العربي، الذي يسمونه حينا بالجنجويد وحينا آخر بالميليشيات… لكن أول من انتبه لهذا الخلط والخطأ كانوا الأفارقة  أنفسهم قبل أن ينتبه لذلك العرب.. ولذلك حرص الأفارقة، أن يأتوا بقوات افريقية من إفريقيا جنوب الصحراء وان يرفعوا صوتهم للقول إن ما يجري ليس إبادة عرقية كما يدعي الإعلام الغربي."
"وعلى عكس ما كان يرغب البعض فإن قضية دارفور التي أرادوا لها ان تكون إسفينًا  في العلاقات العربية الإفريقية دعمت وقوَّت هذه العلاقات، ومن الملاحظ ان عدد  الاجتماعات التي عقدت في إطار قضية دارفور بين الدول العربية والإفريقية بعد قيام الاتحاد الإفريقي اكبر من معدل الاجتماعات التي عقدت بين الطرفين قبل قيام الاتحاد"
وردًّا عن سؤالنا حول الأسباب التي جعلته يتهم اسرائيل بالرغم من كونها بعيدة جغرافيا عن دارفور ولا توجد لها مصالح مباشرة في الاقليم المنكوب أجاب:
" أولاً استراتيجية إسرائيل كدولة قائمة على العرقية اليهودية وباعتبارها الدولة العرقية الوحيدة تقريباً في العالم الآن ، فهي تبحث عن دول شبيهة بها تقوم على العرقية، وهذه المحاولة ليست جديدة…. اقصد ليست في دارفور فقط…. فعلى سبيل المثال عندما استقل اقليم بيافرا عن نيجيريا وأقام دولته على عرقية الآيبو كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترفت بهذا الإقليم وقدمت له السلاح…."
120963
واتهم عثمان اسرائيل بتحريك ملف دارفور في الأمم المتحدة فقال :"عندما عرض موضوع الجدار العنصري في فلسطين على المحكمة الدولية ثم اعيد للجمعية العامة للأمم المتحدة بدأ مندوب إسرائيل في المنظمة الدولية بالحديث عن ماذا يفعل العرب في دارفور! وكان واضحاً انه يريد ان يرسل رسالة مفادها، ان العرب في فلسطين وفي لبنان وفي العراق هم العرب انفسهم الذين يقومون بأعمال القتل والاغتصاب والإبادة وخلافها في دارفور وبالتالي لا تلومونا على ما نفعله في فلسطين أو في غيرها لأن هؤلاء هم العرب..في محاولة فاضحة لتشويه صورة امتنا"
قضية دارفور ـ بالتالي - تمثل تحديا ليس امام السودان فحسب، بل امام الدول العربية كلها.. والتحدي هو ان نفضح هذا التزييف الذي يراد له ان يمر عبر دارفور وذلك بمعالجة قضية دارفور"
وختم مصطفى عثمان اسماعيل حديثه بطرح إشكالية معقدة حول مفهوم الهوية بالنسبة للسودان ، جملة ربما تكون الأهم بالنسبة لكثير من المحللين فقال:"البلد في طور تشكيل هويته ومع التحديات الخارجية نحتاج الى وقفة .. ولا بد من توحيد الجبهة الداخلية عبر عامل الثقة من خلال رؤى وثوابت وطنية تجمعنا .."
ايلاف -


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق