الثلاثاء، 12 مارس 2013

مروة كريدية انسانة كونية




  مروة كريدية انسانة كونية    
الرجل والمرأة،  كأوتار آلة موسيقية يقوم كل واحد منهما وحده
ولكنها جميعا تخرج موسيقى واحدة
اجرت الحوار : بشرى شاكر  
 ترسم الأدب بحسٍّ كوني، تجتمع فيها صفات  الباحثة الجادة والإعلامية المناورة، تنتقد الواقع الاجتماعي دون أن تنتقصَ من عالمِ القيم شَيئًا، ريشتها أنيقة تبدع التشكيل، وقصائدها تعبر بالقارئ إلى أبعد من الخيال، تقدم الأطروحات الفكرية بصورة شبابية غير معهودة…
 
 
  • أهلا بك أستاذة مروة كريدية ، نحن سعداء جدا باستضافتك في مجلة فرح و بالتحديد في فقرة وراء كل عظيمة رجل، و نود منك أن تعرفينا أكثر بنفسك.
 
أهلا بك ، لقد اسهبت بالتعريف عني في المقدمة،  ببساطة شديدة : إنني انسان كوني وان جلّ ما أقوم به هو ما أحب أن أكون عليه .
 
  • تحملين شعار "اللاعنف" و تتضامنين مع من يحتاجون لذلك بغض النظر عن العقيدة أو الجنسية و تنبذين العنصرية ، هل يمكنك أن تحدثينا أكثر عن ذلك؟
لا احب حمل "الشعارات" كما أنّي لا أجيد التصفيق لأي كان  فكرًا او فلسفة او غيره، كما ان المقام يضيق للاجابة عن هذا السؤال الوجودي ؛ ان موضوع اللاعنف ليس شعارا بل نظام حياة،  وهو كشاخصة تشير الى سلام الانسان الداخلي، وهي الخبرة التي على المرء ان يتذوقها بقلبه لا في كراسات الوصايا وبين الكتب
لذلك فإن مساعدة الافراد تكون في الاشارة لهم الى دور الوعي في حياتهم، بحيث يروا بوضوح العوامل المتحكمة بهم وبإشراطات واقعهم المنتج للعنف، ومن ثم فإن اللاعنف هو إبداع يحققه الفرد بنفسه عبر اختبار انسانيته بالكامل ، عندها سيرى أن جوهر الاستنارة اللاعنفية قابعة فيه وان تعددت مسالكها لان الوحدة الانسانية واحدة !
 
وعندها سيبتكر طرق الممانعة التي سترفع الظلم وتحقق العدل ، و تحقيق العدالة ينبغي ان يتم بآليات عادلة لا عنفية، فالرد على الاساءة لا تكون بمثلها ؛ وهذا لا يتحقق الا بوجود مبادئ أخلاقية قابلة للتطبيق في سياق التربية اللاعنفية قوامها المحبّة لكل الخلائق و التضحية من أجل الانسانية وتحمل المسؤولية تجاه الكون والكائنات.
 
  •  أجريت حوارات مع العديد من الشخصيات البارزة كما أُجريت معك حوارات كثيرة في صحف عربية عديدة، فما الذي أضفاه إلى حياتك هذا النشاط الإعلامي المكثف و ما هي طموحات مروة كريدية التي ما زالت تنتظر أن تحققها؟
في عصر الصورة تسيطر وسائل الاعلام على المنتج الفكري ، ولظروف أحاطت بي وجدت نفسي "مضطرة" الى العمل في قطاع الاعلام ، والسبب ان العمل في مجال الدراسات والابحاث يختلف جملة وتفصيلا عن كلام "الجرائد"، فعالم الاعلام صورة تختطف الابصار ببريقها، غير ان معظمها للأسف ينتمي للعالم الأدنى وهي تكرس العنف والاستهلاك .
 
بطبيعة الحال عملي في مجال الاعلام لا يخلو من نزعة انسانية، وغالبًا ما تتضمن مقالاتي الفكرية رؤية داخلية عميقة سَمّها ان شئت "باطنية" أو "سرانية" ، تتجاوز الاحداث الظاهرة… انني احاول دومًا العبور بالقارئ الى ماوراء الأخبار…وطرح رؤى ترقى بالنفس البشرية عن سطحية الشحن والشتم والردح الاعلامي … لان الاخبار السياسية مشبعة بالعنف وتتسم بقلة العدالة عادة ….
 
استراتيجيتي تقتضي طرح رؤية انسانية تتجاوز كافة التقسيمات الجغرافية والابعاد الشكلية….واحيانا أخرج من حواراتي مع الضيوف الى توصيف تأملي أكثر عمقًا واحاول دومًا أن أرى مشكلات البشر من خلال مفاهيم الحكمة الخالدة المكونة للحضارة الانسانية الجامعة .
 
  • بين كونك شاعرة و كاتبة و فنانة تشكيلية و إعلامية ناجحة و بين الاهتمام بأسرتك الصغيرة ألا يشكل هذا عبئا ثقيلا عليك و كيف توفقين بين كل هذا الكم الهائل من المسؤوليات؟
 
يحصل عدم التوفيق في حياة الانسان بسبب "الفصل" الدائم الذي يزج الانسان نفسه به "بحماقة" عن بيئته التي يعيشها ؛ عندما تتعاطين مع كل مفردات حياتك "ببساطة وفطرية وتلقائية" ستلاحظين الانسجام التام والايقاع الجميل في الوجود وسيخرج الانسان من دائرة "النزاعات الوظائفية" …
 
انا لا انظر الى ما اقوم به على انه مسؤولية او "حرفة" او وظيفة ".. اني لا احب الاحتراف ولا أجيده ، غير أنّي أمارس مهامي بإتقان … الاتقان شيئ مختلف عن الاحتراف! الاتقان هو جزء من الابداع.
 
لذلك فان التعاطي بتلقائية وعدم التخطيط احد ابرز عوامل نجاحي .. بالمناسبة انا انسانة منظمة جدا ولكن لا اخطط للغد ولا ارتب الأولويات" بل انخرط في مهامي بحبّ مهما كانت بدءا من تنظيف منزلي بنفسي والعناية بالنباتات وصولا الى القاء المحاضرة في المؤتمرات ولا اعتبر اي منها أهم من الأخرى .
 
  • ما هو دور عائلتك في نجاحك و كيف ساندك زوجك في الوصول إلى ما أنت فيه مع العلم ا ن لك قصيدة في ذلك سوف نطلع قراء مجلة فرح عليها بعد اذنك طبعا؟
لا يوجد عامل واحد يسبب لنا النجاح أو الفشل، بل كل ما يدور حولنا في العالم يساهم في تَطور مسيرتنا الوجودية ، فحتى نجاحنا يكتنز كل مواقف الفشل التي واجهتنا ، ان عالمي المزدهر يحمل كل الاخفاقات أيضًا . بالنسبة لعائلتي فهم شركائي في الحياة وأصدقائي .
 
فأنا لا انظر لطفلي على انه "مُلك لي" بل مجرد صديق اعتني به واقدم له العون ريثما يحقق كامل نموه وتطوره وَ اختبرتُ بإيِمَان مقولة جبران:"إن أولادكم لَيسوا لَكم …إنهم أبناء الحياة" "
 
اما زوجي فإنه رفيق دربي وبالتالي فأنا لا اعمل على ملاحقته ومصادرة خصوصياته وتملّكه  بل نتعامل كصديقين يعيشان في بيت واحد يتقاسمان تصاريف الحياة بودّ، وهو احترم خَياراتي الفكرية، مؤكدًّا على "أن اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية"، وأننا كعموديّ معبدٍ نقف منفصلين لنرفع بناء واحد …
 

كلمة مفتوحة لمجلة فرح و بالتحديد فقرة وراء كل عظيمة رجل
لا شك في أن النجاح كلّ متكامل، فدوما هناك من يساند الآخر، ودوما الرجل والمرأة يكملان بعضهما البعض ، وهما كأوتار آلة موسيقية يقوم كل واحد منهما وحده ولكنها جميعا تخرج موسيقى واحدة ونغما جميلا، فإن كان التناغم بين الأوتار جيدا كانت الموسيقى رائعة.
نشكر بدورنا، المبدعة مروة كريدية على إجاباتها المفيدة و نترككم مع قصيدة أهدتها  لزوجها و لكل عائلتها.
****
همسة ودٍّ لأحبتي 
 
تخللت مَسالكُ الرُّوح سَعَادة
ولأجلها اطمأن اليوم قلبي
 
فما أحبَّ الْمُحِب غير روحه
فالكُلّ بعضي وبعضي كلّي
 
فما شريك العمر وما طِفلي
سوى مضغة تئِنُّ بين أضَلعي
 
أحنُّ إليهم وأسأل شوقًا عَنهم
وهم في كل آنية أمامي
 
هي رحلة عمرٍ أُمضيها
وإن تفرقت بنا دُروب الحياة
فهم في عالم الرّوح أبدًا معي
 
***
 
لقد أخذا مني كل منازلالمودة إلا واحدة
هي أصل المحبّة
 
من الْمُكَوّن كانت ولن تكون لغيره
وإن كان هذا الغير روحي
***** 



مجلة فرح -  العدد 6 تاريخ العدد الخميس 21 جمادى الأولى 1431 هـ الموافق لـ 6 مايو أيار  2010
لمشاهدة كامل المقابلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق