لن أعيش في عباءة أمي !
البرقع التقليدي في الإمارات ظاهرة تندثر
مروة كريدية من دبي
اللباس النسائي التقليدي في الإمارات ظاهرة تتجه نحو الاندثار، وفيما يرى البعض أن أفول المظاهر التراثية أمر مقلق ومحزن في آن معا ، إذ من شأنه أن يغيّر في هويّة البلد العربية الخليجية التي طبعت به لقرون ؛ يرى آخرون أن اللباس يخضع لعوامل الحداثة والتغيير والتطوير وهو نظام الحياة الطبيعي، ولا ضير في أن تندمج المرأة بمفردات اللباس الحديثة وان أدى ذلك إلى خروجها عن مألوف ما تعارفت عليه الأمهات والجدات .
ارتداء العباءة إرباك أم رونق وطني
لن أعيش في عباءة أمي ! على شاكلة "لن أعيش في جلباب أبي " ! مقولة أصبحت ترددها بعض الفتيات في الامارات اللواتي قررن بملئ إرادتهن خلع العباءة التقليدية السوداء والخروج ب"الجينيز" وال"تي شيرت" لا لشيئ بل لأنه أكثر راحة وهو لباس عملي بالدرجة الأولى فالعباءة لا تتناسب مع حركة المرأة العصرية لانها تسبب لها إرباكًا أثناء المشي والحركة .
إلتقينا الشابة عفراء. س. وهي طالبة في جامعة زايد فقالت :"والدي من قبيلة معروفة اما والدتي فهي من أصل لبناني لذلك شجعتني على خلع العباءة…" وتتعجب عفراء كيف ان السيدة الخليجية تخلع عباءتها اثناء السفر دون حرج وتتحرج من خلعها داخل وطنها . لذلك فهي تقول :" أنا لا احب ازدواجية المعايير.. لذلك فبنفس اللباس الذي أتنزه به في حدائق لندن أرتاد جامعتي هنا في الامارات "
وتختلف الشابة حصة. م. مع زميلتها عفراء فتقول :" العباءة تميزنا كمواطنات عن مجتمع الوافدات، وهي تعطينا مرتبة اجتماعية متفوقة اضافة اننا نلبس الملابس الحديثة ولكن العباءة تضفي علينا رونقا وطنيًا "
كلثم .ع. تقول :" أنا عائلتي لا تسمح بهذه "الخرابيط" ونحن نعيش في مدينة العين وننتمي لقبائل لها أصولها ففي عرفنا خلع العباءة غير وارد على الاطلاق "
وردًّا على سؤالنا حول ان كانت ترغب في ذلك فيما تخجل من التقاليد قالت : " لم أفكر يومًا في الأمر ولا أملك الجرأة على ذلك "!
ريم . ع . طالبة شارفت على التخرج وقد بدت أكثر وضوحًا وثقافة من زميلاتها فقالت :" أنا أرفض ان يرتبط لبس العباءة السوداء بالتراث! فاللون الأسود دخيل على عاداتنا …. المرأة الاماراتية التقليدية كانت تلبس الألوان المزركشة والزاهية وتضع برقعا ذهبيا ! السواد من عادات الفرس التي دخلت الى المنطقة خلال الفترة الاخيرة"
لذلك فإن ريم تخلع عبائتها خارج الامارات عند السفر وترغب في ان تخلعها على الدوام بيد انها أشارت الى انها الى الان لم تتمكن من اقناع ذويها بالموضوع لان ذلك سيسب احراج لوالدها بين " ربعه" .
"البرقع" طواه النسيان والمهرجانات التراثية تحييه مجددا
البرقع مفردة تراثية تطلق على القناع الذي كانت ترتديه المرأة ، ويتكون البرقع من الجبهة وهي الخط المستقيم الذي يقع بداية البرقع من اعلى والذي يقطعه السيف الى قسمين متساويين، وهناك عيون البرقع الخاصة بالعينين، الخرّة وهي الانحناءات النازلة والممتدة من الجبهة وحتى آخر فتحة العين من الجانبين.
وكانت المرأة الخليجة ترتدي "البرقع " منذ لحظة عقد قرانها وحتى وفاتها ، وهو مرتبط بالزينة التقليدية كونه ذهبي اللون وقد انحسر ارتداؤه الان حتى كاد ان يندثر فيما تعمل الفرق التراثية على ارتدائه خلال المهرجان الوطنية .
والنسبة الكبرى من الشابات الاماراتيات اليوم مكشوفات الرأس فيما "البرقع" يكاد يختفي حيث تلبسه نسبة نادرة من كبيرات السن وبعض القاطنات في المدن النائية .
سألنا الشابة موزة . ش عن رأيها في البرقع فقالت :" بنات اليوم لا يرتدينه أبدًا !" وأضافت مستدركة :" هو يُبرز جمال العيون "
وبالعودة الى الدراسات المتعلقة بتاريخ اللباس عند الأمم القديمة نجد أن الشعوب غالبًا ما ترتدي ما يتلائم مع المناخ المحيط بها كما ان نوعية الملابس غالبا ماتكون منسوجة من المواد المتوفرة في الطبيعة المحيطة ، لذلك فقد تميزت الملابس الخليجية القديمة بالالوان "الترابية" كما كانت معظمها يعتمد على خيوط الكتان او صوف الإبل .
أما فيما يتعلق في أشكال البرقع واسمائه فهي مرتبطة بأسماء المناطق في الامارات ومنها البرقع العجماني ، وبرقع دبي وبرقع الجسر المقطع ، وبرقع شرقي وبرقع قبيلة "العوامر" .
وتستضيف قرية التراث بمنطقة الشندغة في دبي العديد من السيدات المسنات اللواتي يعملن في الحرف التقليدية ومنهن من ورثت صناعة البرقع حيث جلست الحاجة ام محمد أمام عدّة تراثية تحتوي على خيوط فضية و مجموعة من الاقمشة والإبر .
وسألناها عن البرقع فقالت :" ارتديته وانا في الثانية عشر من عمري ولم انزعه حتى الان أما بناتي وحفيداتي فلا يلبسنه…. وجيل هذا الزمن من البنات يفضلن المكياج ونفخ الشعر… "زمان أول " كانت جميع النساء متبرقعات "
ويصنّع البرقع من قماش يعرف اسمه الشيل وله عدة الوان منها الاصفر والاخضر والفضي والاحمر والبنفسجي والاسود و تكلفة البرقع تتراوح بين عشرة وستين درهما بحسب جودة المواد المستخدمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق