مساجد الصين روعة معمارية ودور ثقافي
تصوير وتحقيق : مروة كريدية – كوانزو - الصين
تنتشر المساجد في مناطق تواجد المسلمين في الصين ومعظمها مبني علىالطراز المعماري الصيني القديم، و يعود تاريخ انتشار هذه المساجد الى عهد أسرة يوان المالكة حيث توزعت المساجد في المناطق المأهولة بأبناء قوميةهوي وغيرها من القوميات المسلمات الأخرى منذ القرن السابع الميلادي ، مما شكل دليلا على قدم هذه الهوية وتواجدها منذ ذاك التاريخ .
وقد شكل المسجد دور مهم في التعليم فيما مضى وساهم بشكل كبير في نشر اللغة العربية في البلاد ، ويتكلم معظم مسلمو الصين حاليًّا العربية الفصحى ( المُكسّرة ) ، وذلك لما لها من أهمية في تأدية العبادات والواجبات الدينية خلال الصلاة .
وقد تنامى دور المسجد عبر العصور المتعاقبة فتطور أدائه من مجرد مكان للعبادة الى مدرسة تُعلم اللغة العربية وتلاوة القرآن ثم الى مكان للدعوة للإسلام ونشر تعاليمه؛ كما أدى دورًا مهمّا كموقع يجتمع فيه وجهاء المسلمين وأعيانهم لمعالجة شؤون الجمعيات الإسلامية كما تحدّ بعض المساجد الصينية "مقابر خاصّة بالمسلمين ".
ايلاف التقت يوسف نيشيون يعمل كمشرف مسجد الذي قال :" هذه القبور قديمة ..وحاليا لا ندفن في هذه المقبرة " ويضيف " ان المساجد في الصين كانت تقدّم الخدمات لابناء القوميات المسلمة كما كانت تعد مكان اجتماع مهم للتجار العرب والمسلمين القادمين الى الصين " وحتى اليوم _ اذا أردت ان تجتمعي بالعرب والمسلمين فلا عليك سوى ان تأتي الى هنا يوم الجمعة "
وبالعودة الى المصادر التاريخية نجد ان الاقليات المسلمة في دول العالم كانت تسعى الى دفن موتاها وفق تعاليم الشريعة الاسلامية وكان تُُعد الفسحة الخلفية للمسجد هو المكان الامثل لذلك لا سيما انها الأقرب بعد تأدية صلاة الجنازة .
كما كانت المساجد تعد المكان الجيد لعقد القران "الزواج " حيث كان يؤمها القضاة ناهيك عن الدور الاجتماعي لاحياء المناسبات .
أما عن تاريخ بناء المساجد فقد أشار لنا يولانج محمد المهتم بتاريخ العمارة الاسلامية:"إن كثير من المساجد الصينية التي أنشئت خلال الفترة من القرن الثالث عشر إلى أواسط القرنالرابع عشر بسبب إما الفيضانات او الزلازل و الكوارث الطبيعية أما الحروب التي كان يشتعل أوارها من فترة لأخرى " .
ويضيف :" أن بعض هذه المساجد القديمة لا يزال قائما إلى اليوم فيحالة جيدة، مثل مسجد تشنغجياو في مقاطعة هانغتشو، مسجد سونغجيانغ بشانغهاي وهو مسجد رائع ،و جامع دونغسي ببكين وهو مشهور جدا في العاصمة بنجين (بكين ) و مسجد يونغنيان في كونمينغ في مقاطعة يوننان."
ولقد كان يُطلق الأقدمون على الجامع اسم "لي تانغ" وهي مرادف لكلمة " صالة الاجتماعات " ، ثم سميّ فيما بعد "لي باي تانغ" الذي يعني صالة الصلاة أو "سي تانغ" الذي يعني مكان العبادة او المعبد. ومع مطلع القرن الرابع عشر الميلادي أخذ الصينيون في تسمية المسجد "تشينغ تشن سي" الذي يعني معبد الحق والصفاء .
وتجتمع في الفنون المعمارية في المساجد مقومات العمارة الصينية التي تتلاءم بطبيعة الحال مع جغرافية المكان والمناخ .
ويتبلور تمايز العمارة الاسلامية في المساجد من خلال المآذن والنقوش العربية والزخارف الشرقية كما تجتمع في العمارة خصائص التراث والحداثة معًا مما يجعلها جزءًا فاعلا في التاريخ العمراني للصين ومهما في الثقافة الصينية التقليدية والجديدة في آن معًا .
وفي هذا السياق حدثنا السيد يولانغ عن منطقة شين جيانغ التي تتميز بعمارتها الاسلامية فقال :" في عملية المزج بين الثقافة المعمارية الإسلامية والثقافة المعمارية الصينية التقليدية تتجلى بوضوح في منطقة شينجيانغ، إذ انه وبعد فترة طويلة من التطور والتغير، ظل فن المعمار الإسلامي بشينجيانغ محتفظا بأسلوبه الأصلي، مع إظهار الخصائص الصينية الواضحة واللون القومي، وأصبح جزءا من ثقافة المعمار الصيني… ويضيف :" وقد ظهر الفن الباهر من خلال المقابر والمآذن والنقوش والرسوم "
ولعل أول ما يلفت نظر المشاهد هي الكتابات للآيات القرآنية باللغة العربية والسقف الذي يتكون من قطع ملونة ولا تخلو المساجد من رسوم الصين التقليدية ويطغى غالبًا اللون الاحمر القرمزي على الأعمدة الموجودة في قاعة الصلاة مما يعكس تمازج بديع بين التقليد الصيني والحضارة العربية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق