لبنان والدول العربية :
مرآة توازن الديبلوماسية السورية – السعودية.
خليل الميس :" تَخلّي العرب عن واجبهم تجاه سوريا جعلها تأخذ الخيار الإيراني "
حاورته : مروة كريدية
تنويه: المقابلة اجريت قبل ايام من زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى لبنان والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 2010
يرى مفتي البقاع اللبناني سماحة الشيخ خليل الميس ان الشيعة في لبنان هم مقدمة المشروع الايراني الفارسي ، وان "سنة لبنان" وضعهم خطير لغياب المشروع العربي و يوصيهم بشراء التراب وليس الحجار لأن تسليع الارض يهدر الكرامة؛ وهو لا يجد في الطائفية السياسية خطأ بل في الأداء الطائفي، ويؤكد ان جميع الطوائف استقوت بالخارج للاستعلاء بالداخل . ويجد ان الدول العربية "مقهورة" ولا تملك خيارها وهي لم تحتضن النظام السوري عندما ابدى أنفتاحا ، وان العرب تخلوا عن واجبهم الأمر الذي جعل سوريا تأخذ الخيار الايراني .
مروة كريدية تقدم مقابلة من جزئين تتناول من خلالها محاور عدة تسبر من خلالها رأي سماحة خليل الميس بوصفه مرجعية سنية لها حضورها السياسي وتسبر الوضع اللبناني الداخلي وعلاقته مع دول العربية والدول الاقليمية، كما ستتناول الجزء الثاني اوضاع الفلسطينين في لبنان و ملف التوطين .
· بعد مرور أكثر من خمسة أعوام على خروج الجيش السوري من لبنان كيف ترى العلاقات "السورية – اللبنانية " الآن ؟
لقد زار رئيس الوزراء اللبناني سعدالدين الحريري سوريا أربع زيارات ورئيس الجمهورية ميشال سليمان مرتين … هل ردّت سوريا الزيارة حتى "بمختار"؟!
· ماذا يعني ذلك ؟
………….
· "مش قابضينا" مثلا " ؛ وأين يكمن الخطر؟
السنة وَضعهم خطير في لبنان لعدم وجود المشروع العربي… لم يَعد لدينا فاتورة- السنّة في لبنان مقدمة المشروع العربي.
· والشيعة ؟
الشيعة بالجملة مقدمة المشروع الايراني .
· ولكن السعودية دعمت تيار المستقبل، وكما هو معلوم فإن "السنة" هم العمود الفقري للتيار….
تيار المُستقبل اليوم يُقَتَّر عليه ماديًّا …و يُضَيّق عليه ماليًّا .
· وكيف ترى أداء "المعارضة" السنية وهل حققت مكاسب بعد تراجع حضور تيار المستقبل ؟
المعارضة لمن وبيد من ؟ هم ليسوا مشروع معارضة بل التخلي عنهم جعلهم في مكان آخر….نرجو ان يُوَفَّر للحريري دائرة أكثر استنارة !
· ربما وجد بعض المتعاونيين مع التيار انفسهم بلا "رواتب"… وقد أدى ذلك الى انتكاسة على المستوى الشعبي … أليس غياب المشروع الفكري الواضح عن "تيار المستقبل " والاعتماد على الجانب "المادي" ساهم في ذلك. فمالذي يدفع بالافراد الى التعاون مع اي جهة كانت في ظل غياب "الفلوس" وغياب المشروع "الفكري" ؟
علمت ان هناك إعادة نَظر وتأهيل وتكوين لتيار المستقبل .
· وما الذي دفع مثلا الجانب "السعودي" الى وقف الدعم ؟
النظام السعودي، هل طُلِبَ إليه أن يَنسَحب فانسحب .
· لماذا؟
ربما ليريّحوا السعودية في العراق … ضحوا بلبنان من أجل ان يكسبوا في العراق …
· البعض يتساءل عن جدوى "النضال" ضدّ المشروع "السوري – الإيراني" في لبنان ولماذا لم يخرج العرب بصيغة تحقق معادلة التوافق "س- س" (السعودي – السوري) منذ البداية؟
تَخلّي العرب عن واجبهم تجاه سوريا جعلها تأخذ الخيار الإيراني
بداية عصر بشار الأسد إلتقيته، و وجدت ان هذا الرئيس نَقيض أبوه. حافظ الأسد كان يَصمت كثيرا ويتكلم قليلا جدا فيما إبنه أشدّ وضوحًا وهو غزير الكلام يُفصح عمّا في داخله …و فهمتُ منه أنه إزاء عَهدٍ جديد… للأسف العرب لم يَعرفوا أن يحتضنوه …ولو احتضنوه وقتها لكان أكبر ضمانةٍ لهم .
· ماهو السبب الذي يمنع العرب من التعاون مع بعضهم البعض؟
العرب "مقهورين" ولا أحد يملك خياره فيهم …
· بالعودة للشأن الداخل اللبناني ….لوين رايحين ؟
الأجدى ان تسألي إلى أين يَأخذوننا (لوين آخدينا) الماشي له إرادة ولا إرادة لنا .
· إذن "لوين آخدينا" – الى أين يأخذوننا ؟
لا شك إلى المكان الخطأ !
المشروع العربي و الطائفية في لبنان
الميس : "عِندما سَلَّعنَا ترابنا لم يعد لنا كرامة !… ووصيتي : اشتروا التراب في لبنان وليس الحجار"
· أشرت الى ان وضع سنة لبنان خطير لغياب "المشروع العربي" ماذا تقصد في ذلك ؟
عالم عربي بكامله لا يوجد لديه مشروع ؟!… مشروع العرب اللامشروع… ماهي الأسرة التي تبنيها الأمة العربية ؟…اين يؤخَذ بالسنة العرب …اني لا أرى لهم هدف منظور بحجم الأمة .
الله يقول " وما خلقت الانس والجن الا ليعبدون " والله غني عن العبادة ولكن هناك هدف… هناك "مشروع" إلهي هو لمصلحة هذا الانسان.. اذن لابد من مشروع …
· أليس في ذلك تحيزًّا طائفيًّا وطرحا مذهبيا واضحًا ؟
أنا ابن امة و لم أترجل عن فَرَس الحكم من 1300 سنة وعاش الجميع في كنفي عندما كنت الحاكم حتى الامتيازات التي أخذها مسيحيو جبل لبنان لم يعطيهم إياها القانون الآن .
· ولكن لبنان كما سائر الدول العربية ليس لطائفة معينة !
تراب هذه البلاد ترابي ، وأنا أقرأ تراب هذه الأرض بحروف السماء .
عِندما سَلَّعنَا ترابنا لم يعد لنا كرامة !
كانت وصيتي دومًا للمغتربين بشراء الأرض وليس مجرد طوابق في عمارات واقول لهم "اشتروا التراب في لبنان وليس الحجار"
· هل أنت مع إلغاء الطائفية في لبنان ؟
أنا لا ألغي نفسي ….أنا حاكم لبنان … الطائفية ليست خطأ الاداء الطائفي هو الغلط .
· ولكن هكذا طرح مقلق للغاية بالنسبة للآخرين الذين يحلمون بدولة علمانية حديثة كما هو مزعج بالنسبة للطوائف الاخرى ، وهو بالمناسبة يكرس "الطائفية " و"الخطورة" انك الآن تطرح "موضوع الخلافة الاسلامية من جديد"؟!!
أنا ابن أمّة ولست ابن طائفة .. السؤال ماذا فعل المسيحيون عندما تمكنوا في الأندلس ؟ وانا تمكنت فماذا فعلت؟
الاسلام أطلّ على صهوة جوادٍ ولم يترجّل ، والخلافة كانت أخيرًا في عُهدة السلطنة العثمانية .
وجميع الطوائف اعتمدت على الاستقواء بالخارج للاستعلاء بالداخل….كل الطوائف تريد ان تمارس فوقيتها عليّ ؟!
· ولكن هكذا طروحات ولّت وهي لا تتلائم مع روح المرحلة. ومفهوم "الأمة" تلاشى !
الأمة باقية وما تزال برغم الحدود السياسية المصطنعة ،أنا ابن بيتٍ كبير والاسلام اطلق مشروع الخلافة .
· وهناك قلق "عالمي" متفق عليه ضمنيًّا حيال أي اتحاد او تجمع سياسي "ديني " فكيف ان كان "إسلاميًّا" ؟؟؟
لماذا يوجد ولايات متحدة أميركية ولا يوجد ولايات عربية ؟
· ولكن كلمة "خلافة اسلامية " بحدّ ذاتها مُقلقة للغاية لارتباطها المباشر بمفهوم "اسلامي- ديني – عقائدي" بحت وارتباطها بتفسيرات "توسعية" لا حدود لها ؟!
الله يقول:" ان الله يأمر بالعدل والاحسان …." ، لا مشاحة في الاصطلاح . الله وضع مبادئ .
· بعبارة أكثر "حداثة " انت تسعى الى مركزية في القرار السياسي العربي؟
لقد التقيت خادم الحرمين الشريفين مرتين مرة في مهرجان الجنادرية ومرة خلال احدى مواسم الحجّ ، وانا طرحت نفس السؤال على العاهل السعودي لمرتين وقلت له :
"مكة المكرّمة عاصمة الاسلام فأين عاصمة المسلمين؟"
إني أودعت هذه الفكرة عند جلالته تبرئة للذمة وتحميل المسؤولية للغير.
· فاذا أجابك ؟
لم يعلق على الأمر !
*****
منشور في ايلاف - 30 تموز 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق