السبت، 23 مارس 2013

الثورات العربية غيرت من طبيعة العمل الإعلامي

ماجدة ابو فاضل و مروة كريدية 

مروة كريدية تحاور ماجدة ابو فاضل 


 الثورات العربية غيرت من طبيعة العمل الإعلامي


مروة كريدية من دبي

ترى ماجدة أبو فاضل أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية أن الثورات العربية الأخيرة اعتمدت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية في ظل التعتيم الإعلامي الذي تمارسه الحكومات وحملات القمع المنظم ضد الصحفيين وحريتهم مشيرة إلى أن المواطن تحول إلى أداة مهمة لنقل المعلومة، مطالبة في الوقت عينه الإعلاميين بضرورة التزام الدقة والتوازن في طرح المعلومات التي تصلهم. وترى أن تدريب الصحفيين المتمرسين من شأنه أن يمنحهم تطورا وخريطة طريق مميزة في مسار العمل الصحفي، وتجنبت أبو فاضل تقييم أداء مؤتمرات ومنتديات إعلامية عربية بعينها مكتفية بوصف ما يحصل بأنه عبارة عن تمارين في العلاقات العامّة، مؤكدة ضرورة إخراج توصيات هذا المؤتمرات من إطارها النظري إلى تطبيق عملي يرقى بمستوى العمل الإعلامي.

أحدثت الثورات تغييرا جذريًّا في طبيعة العمل الإعلامي بحيث لم تعد الطرق التقليدية المعهودة كافية لمواكبة إيقاع الأحداث المتسارعة في وقت تحول فيه المواطن العادي والشاهد العيان إلى مصدرٍ رئيسي للمعلومات، في ظل أنظمة حكومية احترفت التعتيم التام والقمع مما دفع شريحة الشباب باللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل المعلومات معتمدين قبل كل شيء على الصور والأفلام القصيرة المصورة لتوثيق الوقائع الدامية والعنف الذي مورس ضد المتظاهرين خلال التحركات مما أوقع الإعلام الرسمي الحكومي في مأزق حقيقي.
ولإلقاء الضوء على طبيعة هذه المتغيرات إيلاف التقت الإعلامية ماجدة أبو فاضل مديرة برنامج تدريب الصحافة في الجامعة الأميركية في بيروت على هامش منتدى الإعلام العربي المنعقد حاليًّا في دبي.
إعلام المواطن مصداقية تحتاج لتقاطع أكثر من مصدر لاعتمادها
ننطلق بداية من إيقاع عواصف التغيير في العالم العربي كيف ترين انعكاساته على عمل الإعلامي والصحفي؟
نعم لقد تحول المواطن إلى أداة مهمة لإيصال المعلومة في غياب الإعلام التقليدي والتعتيم الإعلامي ومنع الصحافيين من التغطية على أرض الثورات.
و لكننا كصحفيين نواجه أحيانا سيلا من المعلومات الواردة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما يربك مراكز تحرير الأخبار في العديد من وسائل الإعلام الأمر الذي دفع بعضها إلى تصويب أخبارها والاعتذار عن بعض الأخطاء ؟
من المهم جدًّا- وهذا عمل يرتبط بالمحررين والصحفيين- التمكن من غربلة المعلومات بشكل جيد والتأكدّ من وُرودها من أكثر من مصدر. وهذا شرط بالغ الأهمية هو تقاطع المعلومات لأن الاعتماد على مصدر واحد ولو كان موثوقًا غير كاف ٍ، هناك مثل بالانكليزية يقول :" إذا قالت لك أمك أنَّها تُحبّك فتأكد من مصدر ثانٍ " فعندما تتقاطع معلومة واحدة في نفس الوقت على صفحات عشرات أو حتى المئات من المواطنين المشاركين في أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي فلا بد عندها أن تكتسب مصداقية.
و ربما هنا يقترب الصحفي من الموضوعية نوعًا ما، في وقت شاهدنا ازدواجية في تغطية الثورات في وسائل الإعلام العربي ؟
لا أفضل استعمال مصطلح الموضوعية غير أن هناك معايير لا بد من التزامها وهي التأكد من دقة المعلومة التي يدور حولها الخبر والتوازن في الطرح وتحقيق العدالة والإنصاف في التغطية.
هل تعتقدين أننا انتقلنا من مرحلة الإعلام الكلاسيكي إلى "إعلام الشارع " وهل إعلام المواطن يتمتع بمصداقية إذا تقاطعت المعلومة بطبيعة الحال وتمت "الغربلة" ؟
إعلام المواطن قد يتمتع بمصداقية أكثر من الإعلام التقليدي، والدليل على ذلك أن صور الفيديو التي صُورت عبر كاميرات الهواتف المحمولة، و التي نُقلت عبر شاشات الفضائيات خلال الثورات لم تكن ليشاهدها العالم لو لم يصورها المواطنون وشهود العيان الموجودون هناك، والأمر نفسه ينطبق على الكوارث الطبيعة مثل زلزال فوكوشيما في اليابان. وكما أشرت فتقاطع المعلومة وتواترها يُكسب المعلومة مصداقية قد تفتقد إليها وسائل إعلام تقليدية ترتبط سياستها بأجندات خارجية ربما، تجعلها في كثير من الأحيان تنقل أخبارا كاذبة أو غير صحيحة.
تدريب الصحفيين: حاجة تطبيقية تمنح الصحفي خارطة طريق في مساره المهني
من هنا ننطلق ربّما إلى ضرورة تدريب الصحفيين والإعلاميين بشكل يسمح لهم من وضع الأخبار في سياقاتها. كمديرة للبرامج التدريب في جامعة أميركية على ماذا تعتمدين في برامجك على الأسلوب الأميركي الانكليزي أم تختارين ما يتوافق مع الوضع العربي ومن حيث اللغة ايضا؟
بعض المواد تُدرس باللغة الانكليزية. ولكن بالنهاية الصحفي العربي لن يعمل في "سي ان ان " او نيويورك تايمز "، فنسبة الصحف ووسائل الإعلام العربية الناطقة بالأجنبية ليست كبيرة. الثورات هي الآن في العالم العربي حاليًا ويتطلب التعاطي معها بلغة عربية سليمة ومع ذلك هناك لهجات متنوعة ولكنات متفاوتة، وهنا تكمن أهمية أن يتمكن الصحفي من اللغات الثلاث العربية والانكليزية وحتى الفرنسية حيث أن اللكنة المغاربية تتضمن كثيرا من المفردات الفرنسية.
أما فيما يتعلق بالسياقات لابد من يكون عند الصحفي إلمام جيد بالسياقات التاريخية وحتى الجغرافية للمنطقة لان تقديم الخبر خارجًا عن سياقاته يفقده الأهمية.
الأحداث الأخيرة ربما فرضت على الصحفيين تطوير أنفسهم للتعاطي السريع مع المجريات.وهنا ربما تبرز أهمية تدريب الصحفي حتى خلال ممارسته كيف واكبت ذلك من خلال برامج التدريب التي تشرفين عليها ؟
عادة الشهادة في الصحافة والإعلام التي يحصل عليها الطالب من الكليات الجامعية لا تكفي وحدها كي ينجح في عمله لأنها بحد ذاتها ليست المعيار الأساسي الذي يحدد نجاح الصحافي أو عدمه، المهم هو أن يعرف الصحافي كيف يطور نفسه ويتابع المستجدات حتى يبقى ملما بكل ما يحصل ويدور من حوله، وبالتالي يتجنب ثغرات في المواضيع التي ينجزها بحيث تأتي شاملة من النواحي كافة.
ما نقوم به في برنامج التدريب في الجامعة الأميركية ببيروت هو للصحفيين المتمرسين في مختلف المجالات ونركز على تطوير قدرات معينة وإعادة تمكينهم من ممارسة بعض المهارات، فالدراسة التطبيقية تلعب دورا مهما في منح الطالب خريطة الطريق الصحيحة التي سيسلكها في ما بعد في مسار مهنته.
ما هي المواضيع التي تتناولونها أو المحاور التي تركزون عليها ؟
المواضيع متنوعة بطبيعة الحال، منها أساليب الكتابة الصحفية و الصحافة الالكترونية و صحافة المواطن وكيفية التعاطي مع المعلومات علاوة على الصحافة البيئية، وهناك مواد أخرى مهمة مادة المرئي والمسموع وإدارة غرف الأخبار والإعلام االرقمي.
هناك بعض التغطيات لمؤسسات رسمية تطلب تغطية أحداثها إطلاع على اختصاصات وحقول عملها هل من برامج تخصصية تقدمونها؟
نعم وهذا مهم جدا كتغطية شؤون مجلس النواب والبرلمانات. يُفترض بالصحفي أن يكون على إطلاع تام بآليات التشريع الخاص بالمجلس والنظام الداخلي للبرلمان وما هي القوانين والإجراءات المعمول بها على هذا الصعيد.
أيضا نحن ندرب الصحفيين ونوجههم كيف يستخدمون المدونات الخاصة بطريقة محترفة. كذلك نحدد لهم الأسس اللازمة لإعداد تحقيقات استقصائية وكيفية تغطية الانتخابات والحروب وغيرها من المواضيع المهمة لعمل الصحافي.
منتديات الإعلام بين الواقع والمأمول
شاركتي في العديد من المؤتمرات التي تعني بالإعلام والعمل الصحفي كيف تجدين نتائجها ؟ سيما وان بعضها قد أصبح تقليدا سنويًّا وميدانا مهمّا لاجتماع الإعلاميين ؟ هل حققت شيئا ملموسًا أم أنها لازالت كما يراها البعض عبارة عن "كرنفالات " لا تخرج عن دائرة الاستعراض ؟
المؤتمرات بشكل عام وخاصّة فيما يتعلق بالإعلام لابد وأن يكون لها هدف واضح ولا بدّ أن تخرج بنتيجة واضحة، ما يحصل حاليًّا إن معظم المؤتمرات الإعلامية عبارة عن تمارين في العلاقات العامّة. حتى يستفيد المستهلك الذي هو القارئ أو المستمع أو المتصفح يجب أن تتوافر عناصر وشروط منها: تحديد الأهداف بشكل واضح ومراقبة النتائج.
و ماذا عن موضوع متابعة هذه النتائج؟ إذ غالبًا ما تخرج توصيات عن المؤتمرات تغيب في الأدراج.
نعم الخروج بنتيجة يعني متابعة التطبيق الايجابي لنرتقي بمستوى الإعلام ونقوم بالنهوض المطلوب الذي ينتظره الشارع العربي.
كي لا أتحدث عن منتدى أو مؤتمر إعلامي بعينه، أنا عندما أنظم مؤتمرًا لا بد أن أخرج بتوصيات والاهم هو غربلة الأفكار وإخراجها من الإطار النظري لتطبيق شيء عملي ومفيد نستطيع من خلاله تحسين الأداء الإعلامي.
ماجدة أبو فاضل - نبذة
درست ماجدة أبو فاضل الإعلام في الجامعة اللبنانية - الأميركية، وفي سبعينات القرن الماضي. عملت لســـنتين في مجلة انكليزية، وفي قسم الأخبار والبرامج الناطقة بالانكليزية، في الإذاعة اللبنانية. انتقلت بعدها الى واشنطن العاصمة، وحصّلت الدراسات العليا حيث أسهم اشتعال الحرب الأهلية في لبنان وقتها إلى إبقائها خارج البلاد حيث عملت في عدد من وسائل الإعلام، في الطبعة الانكليزية منها مجلة الحوادث، كمديرة مكتبها في واشنطن، حتى توقف صدورها إثر اغتيال مؤسسها الصحافي سليم اللوزي.
راسلت أبو فاضل صحفاً عربية كبرى، وأسست وكالة أنباء صغيرة تعنى بشؤون الشرق الأوسط والعلاقة مع الولايات المتحدة. ثم انتقلت للعمل في وكالة أنباء عالمية لتغطية شؤون الشرق الأوسط من قبرص.
عادت بعد ذلك إلى لبنان لتلتحق بالجامعة اللبنانية – الأميركية كمدرّسة لمادة الإعلام ومديرة للمطبوعات، لمدة 12 سنة. هناك أسست مركزاً لتدريب الصحافيين المحترفين وتطوير قدراتهم. ثم أطلقت برنامجاً مماثلاً في الجامعة الأميركية في بيروت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق