السبت، 23 مارس 2013

بعد "عواصف التغيير": إعلامية تونسية تقلق على هوية بلدها العلمانيّة

مروة كريدية و نجاة الوحيشي 



 الثورات أرخت بظلالها على أعمال المنتدى الإعلام العربيبعد "عواصف التغيير": إعلامية تونسية تقلق على هوية بلدها العلمانيّة

حوار : مروة كريدية من دبي
تُشكل المنتديات الإعلامية فرصة مميزة للحوار كما تُعد منصة حيوية للوقوف على تحديات مهنة تُعد من أصعب الوظائف سيما في ظل الأوضاع السياسية التي يشهدها العالم العربي . حيث أرخت "عواصف التغيير " بظلالها على أعمال المنتدى الإعلام العربي الذي اختتم أعماله نهاية الأسبوع وسجل حضورًا مكثفًا لرواد الإعلام التقليدي ومشاهير الفضائيات فيما كانت مشاركة الشباب صُناع الثورات من الرقميون الجدد خجولة  وبدت بعض الجلسات كاستعراض لتجارب الإعلاميين النجوم على حساب المضمون العلمي، والتحديات الحقيقية الفعلية التي أحدثت انقلابًا غير مسبوق أدهش منظرو الإعلام الكلاسيكي. فيما كان بعض المراقبين يتوقعون حضورًا أكبر لمواضيع تعنى بالحريات وحقوق الإنسان والتركيز على التحديات التي تواجه الإعلامي خلال الثورات في دول تغيب عنها النقابات الصحفية في ظل تحول الإعلام من الطور الفضائي إلى الطور السيبيري .
إيلاف التقت الإعلامية التونسية نجاة عبد العزيز الوحيشي وكان هذا الحوار العفوي تناول حال الإعلام والشأن التونسي عقب ثورة الياسمين .
 
مشاهير يتحدثون عن الثورات
نجاة الوحيشي : من المؤسف أن تدلي لطيفة التونسية برأيها عن الثورة !
o       بداية ننطلق من الأجواء الحالية للإعلام العربي كيف وجدت فعاليات المنتدى ؟
يُعد المنتدى فرصة جيدة للتلاقي والاحتكاك ولكن لاحظت طغيان الوجوه التلفزيونية على جلسات المؤتمر. من جهتي لست مقتنعة بأن كلّ وجه تلفزيوني هو إعلامي ناجح لأن بعضهم يكتفي بقراءة مايُعدّ له فالصورة تغطي على أهل الفكرة وهذا ما يحدث اليوم .
ونشكر للمنتدى استضافته للعديد من رموز الإعلام لكننا كنا نود أن يتحدث عن الثورة المصرية أو التونسية نخبة من الشباب الذين صنعوا هاتين الثورتين.
o       لاحظنا أيضًا وجود فنانين وفنانات يدلون بآرائهم حول الثورات في بلادهم، كيف تجدين هذه الظاهرة ؟علمًا انه في الآونة الأخيرة شهدت ظاهرة "تحول " بعض الفنانين والممثلين إلى مقدمي برامج.
نعم شاهدت بالأمس في المنتدى من بين الحضور المطربة لطيفة التونسية وكانت تدلي برأيها عن الثورة لإحدى الفضائيات وهذا مؤسفٌ حقا !
 
o       لماذا مؤسف ؟ أليس من حق الفنان أن يدلي برأيه في ثورة بلاده ؟
مع احترامنا لشخصها كفنانة ولحضورها الفني على الساحة العربية، لابد من التذكير من أن لطيفة كانت من ضمن قائمة ضمت العديد من الفنانين والأطباء وغيرهم الذين طالبوا الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالترشيح لدورة رئاسية ثانية عام 2014 .
 
o       ربما هذه حالة الكثيرين من المشاهير الذين وصفهم الإعلامي محمد كريشان ب"المتحولين " الذين أعربوا عن دعمهم لثورات بلادهم بعد نجاحها بينما كانت مواقفهم مؤيدة للأنظمة المخلوعة.وهم الآن يحاولون تجميل صورتهم بعد أن أبدت الجماهير سخطها تجاههم واستيائها من مواقفهم التي أطلقوها مداهنة للأنظمة القامعة فيما شباب الثورة الصغار والرقميون يدفعون الثمن من دمائهم … البعض فسر ذلك بالضغوطات التي كانت تمارس وبالبعض اعتبرها تغيير في القناعات . كيف ترينها ؟
لا يمكن أن نصدّق بأن الإنسان يمكن أن يلغي قناعاته بين يوم وليلة، وانه بعد أن دعم الرئيس المخلوع عدّل واقتنع بالثورة بعد نجاحها وأصبح مؤهلا للحديث عنها …اللهم إن كان هناك مآرب أخرى! كأن تكون الفنانة لطيفة وهي ذكية بحسِّها تُحاول من خلال هذا الظهور الإعلامي المكثف أن تستعطف الثورة لتسجل حضُرًا في المهرجانات الصيفية.
 
o       أعمال المنتدى أفردت مساحة واسعة لقراءت تداعيات "الثورة المصرية " وهو شيء جميل بطبيعة الحال. بوصفك تونسية  كيف ترين تغطية محاور المنتدى للشأن التونسي سواء من حيث الحضور أم من حيث الموضوعات ؟
نعم تكاد أعمال اليوم الثاني أن تكون مخصصة للثورة المصرية التي نباركها ونسعد بمناقشة أوضاعها والوقوف على آخر تطوراتها ، ولكن كان بودّنا أن تحظى الثورة التونسية وهي الأخت الكبرى بمثل هذه الرعاية والمتابعة
o       بالدخول إلى الشأن التونسي كيف ترين الساحة الإعلامية التونسية بعد الثورة ؟
لا تزال الساحة الإعلامية التونسية تَشتكي من حضور وجوهٍ طالما عُرفت بولائها التام للنظام السابق في المراحل السابقة.
 
o       ولكن هذه مشكلة كثيرا ما تُطرح عقب تغيير الأنظمة، ماذا يمكن أن يفعل إعلاميو النظام السابق؟ هل يتوقفون عن العمل أم بالإمكان احتوائهم في وظائف أخرى ؟
 يجب إبعادهم عن الواجهة على الأقل من المراكز الحساسة والقيادية
 
o       إذن هل تفكرين بالعودة إلى تونس والعمل بها بعد أن تركتها لأسباب "نضالية " ؟
الوقت أصبح متأخرا جدٍّا بالنسبة لي . لقد غادرت تونس في ثمانينيات القرن الماضي لأستقر في السعودية. في الجامعة التونسية كنت مناضلة ورفضت الانخراط في الحزب الحاكم ولله الحمد لم أحمل بطاقة الحزب في حياتي.
 
بعد انطلاقة الربيع العربي: قلق على هوية تونس العلمانية
الوحيشي : الصليب أنقذ حجابي !
o       هل كنتم تتوقعون انهيار مملكة "بن علي " بهذه السرعة ؟ وكيف تقيمين مسار ما بعد الثورة ؟
كان اندلاع الثورة في التوقيت ضرورة لابد منها . لأن ممارسات النظام السابق لم تعد تحتمل ووصلت حدًّا فجّر الوضع الاجتماعي. ولكن أجمل ما في الثورة التونسية أنها فتحت الباب أمام شعوب أخرى لكي تُعبِّر عن سخطها وتملي إرادتها… فمعظم الشعوب الثائرة الآن ترزح تحت ظروف القمع والإذلال نفسها التي كان يعاني منها التوانسة . غير انه علينا التذكير بأن ثمار الثورة لا يمكن أن تُجنى على الفور، لا بد من الصبر والمثابرة وصدق النية وعدم الإصغاء إلى الأصوات الخارجية الانتهازية لكي تحقق الثورة مطالب الشعوب.
o       ولكن لدى العلمانيين في تونس توجس حقيقي وخوف مشروع ربما من انتهاز "السلفية الإسلامية " وركوب الثورة ، في حين نجد أن حزب النهضة الإسلامي قد أعرب منذ نجاح الثورة على لسان راشد الغنوشي أنه لا يريد تغيير وجه تونس العلماني و أنهم لن يسعوا إلى تعديل الأنظمة العلمانية . أي دولة ينشدها التونسيون ؟
ما ننشده في تونس هو دولة الاعتدال لا يشدها الإسلاميون من طرف واللائكيون من طرف .
 
o       ولكن هناك قلق حيال حزب النهضة وتوجهاته ؟
علينا ألا نتخذ من حزب النهضة شَمَّاعة نُعلّق عليها رفضَنا لتوجّهٍ ما وإرادة فرضُ توجّه آخر .
 
o       ولكن هناك ظاهرة "مقلقة" الآن يشهدها الشارع التونسي وهو ظهور موجة "الحجاب" بين الفتيات بعد أن كان ممنوعًا في أماكن عديدة. أو كظهور المرأة بالغطاء على صورة جواز السفر . أليس هناك خوف من سيطرة التطرف ؟
نعم ، أنا أطالب العلمانيين والإسلاميين بعدم التطرف لان منع الإنسان من ارتداء ما يعجبه تدخل في حريته الشخصية ، من بين أمثلة التطرف التي واجهتني أنه طُولِبتُ قبل دخولي إحدى السفارات الأوروبية بنزع "الشيلة " عن رأسي بذريعة أنها سفارة دولة علمانية لائكية ، إلا أن الصليب الذي كان يتلألأ على صدر عامل الأمن أنقذني إذ بادرت بإجابته "أنت تتزين بالصليب فلتسمح بالحفاظ على غطاء رأسي " لأنه لا يحق له أن يُطالبني بالتخلي عن حجابي طالما هو لم يتخلى عن صليبه .
o       ماذا تتوقعون من الحكومة في المرحلة القادمة ؟
ما نرجوه هو رؤية مزيد من الحزم من طرف الحكومة المؤقتة لمساعدة تونس للقطع التام مع الماضي ورموزه والتوجّه إلى بناء مستقبل أساسه الثقة والنزاهة والشفافية.
 
o       شهدنا ازدواجية صارخة إن لم نقل تعددية مقلقة من قبل الحكومات العربية تجاه دعم الثورات، وأيضا موقف الفضائيات العربية حيال تغطيتها  لم يكن منصفا ، حيث وُصِفت بعض التحركات بالثورة العادلة ، و وُصفت أخرى بأنها مؤامرة. علما أن الديمقراطيات والحريات غائبة عند الجميع. هل يمكن ان يقبل الإنسان بالقمع الداخلي   بحجة "دسيسة "خارجية"؟
علينا ألا نسلم بنظرية المؤامرة لنشيح بوجهنا عن واقعٍ لا يخفى على أحد من المناصرين للديمقراطية وحقوق الإنسان " وأمرهم شورى بينهم".
****
 
نجاة عبد العزيز الوحيشي : إعلامية تونسية درست في كلية الآداب والعلوم الإنسانية اللغات والترجمة. والتحقت بعدها بجامعة الملك سعود بالرياض لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها وعملت مراسلة لراديو فرنسا الدولي ثم معدة برامج للقسم الفرنسي بإذاعة الرياض.عملت بالإعلام المكتوب في مجلات عديدة منها النسخة العربية لمجلة "مدام فيغارو" و"لوديبلومات " التابعة لوزارة الخارجية وحاليا تعمل مترجمة بوزارة الإعلام السعودية .
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق