الأحد، 31 مارس 2013

عذراء قرية المسرة تحتضن إرث بني أمية









تحقيق وتصوير : مروة كريدية 
قلب يوحنا المعمدان ينبض في الجامع الأموي
 
استطلاع وتصوير :
 
مروة كريدية من دمشق
 
في مدينة تسكنها حضارات ارتدت عباءات طُرزت بالتاريخ وكانت رمزًا لثقافات سادت؛ هي دمشق حاضرة فسطاط الشام، وهي عذراء قرية المسرّة في العهد الآرامي، هي مدينة اليعازر خادم نبي الله ابراهيم ، وهي عين الشرق كما اسماها الامبراطور الروماني بوليانوس
 
مدينة تنعش روح الانسان وقلبه، يستشعر فيها عبقرية الموقع الذي تحيطه بساتين الغوطة ونهربردى وجبل قاسيون ، ويستشف من جنباتها أصالة الأساطير.
 
هنا يلاحقك التاريخ كيفا كانت وجهتك، في قلب دمشق القديمة التي اكتنزت حضارات توالت، ينبض جامع بني امية الكبير الذي لف في عبائته معبد جوبيتر الروماني ومعبد حدد الآرامي و كنيسة يوحنا المعمدان ، أمضيت يومين اتقلب في سكون هياكل تعددت مشاربها ربما غير انها اشتركت في نفس المآل .
 



جرن المعمودية  في كتدرائية حاضرة الروم :
تشير بعض المصادر التاريخية ان الجامع شيد على أطلال المعبد الآرامي " حَـدَد ْ" الذي يرجع إنشاؤه إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، وقد بني عليه المعبد الروماني للإله "جوبيتر الدمشقي" في القرن الثالث الميلادي.
واثناء الوجود البيزنطي أقام المسيحييون كتدرائية  القديس "يوحنا المعمدان" وذلك في  أواخر القرن الرابع الميلادي.


الإرث المسيحي مازال واضحًا أشد الوضوح  في الجامع الأموي ومن أهمه:
اولا: جرن المعمودية وهو جرن رخامي كبير عظيم القدم داخل الجامع من الجهة الشمالية الشرقية، و تظهر على جوانبه آثار المستحاثات وكان يستعمله المسيحيون لعماد اطفالهم ومولوديهم
ثانيًا ضريح او مقام يوحنا المعمدان وهو القديس الذي قام بتعميد السيد المسيح في "نهر الشريعة" وهو جزء من "نهر الأردن"، و يضم رأس "النبي يحيى عليه السلام"، في يتوسط الجامع مقابل المنبر ويلتف حوله عادة مجموعة من "الذاكرين " يطلق عليهم "خدام النبي يحيى "
ثالثًا : الكتابة الاغريقية اليونانية على الباب الأساس لكنيسة مار يوحنا وكتابات نقشت على البوابة الجنوبية بالأحرف اليونانية والتي تقول: "ملكك أيها المسيح ملك كل الدهور وسلطانك في كل دور فدور."
هنالك أيضاً صورة لوجه السيد المسيح وعلى رأسه إكليل شوك، ظهرت مؤخراً على يسار البوابة الجنوبية الأخرى المواجهة لسوق الصاغة .


وبحسب علماء اركولوجيا فإن هناك نفق قديم يربط بين الكنائس، لذلك ففي  باحة الجامع، هناك بقعة من الأرض تحت فناءٍ مسقوف، إذا ما وقف الزائر في منتصفها وضرب عليها بقدمه، فإنه يسمع صدىً عميقاً لهذه الضربات.
يقال انه نفق كان يربط كنيسة يونا المعمدان بكنيسة حنانيا وهي كنيسة صغيرة تبعد عن المكان بما يقل عن الميل، وتقع إلى الجهة الشمالية من الباب الشرقي لدمشق في نهاية طريق صغير يحمل اسم الكنيسة نفسها.
 وفي ستينات القرن العشرين واثناء  عمليات الترميم والحفر التي كانت تجري لتوسيع وترميم كنيسة الروم الأرثوذكس المعروفة بالمريمية الشهير في دمشق القديمة ، والواقعة بين كنيسة يوحنا وحنانيا، ظهرت أجزاء من النفق .
مآذنٌ الجامع الأموي الكبير تصدح في فسطاط المسلمين  :
 
وفي واواخر القرن الاول الهجري حول الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك" الكتدرائية الى جامع وذلك عام 86هـ / 705 م حيث  استغرق بناؤه نحو عشر سنوات فجاء آية في الجمال و روعة العمارة العربية الإسلامية.
ولقد استعان في عمارته بالمعماريين والمزخرفين من أهل الشام، ممن كان لهم الفضل في بناء كثير من المباني في دمشق وخصص له الكثير من المال وامر ان يكون أفضل المباني وافخمها،  وكان له ذلك فأصبح جامع دمشق الكبير، أهم بناء في الدولة الاسلامية، وارسل الخليفة المعماريون إلى المدينة المنورة في أيام الوالي عمر بن عبد العزيزلبناء مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم على طراز الجامع الكبير بدمشق .




 و للجامع الأموي ثلاث مآذن هي:
 مئذنة العروس وهي  المئذنة الشمالية: وتسمى ايضًا  المئذنة البيضاء أو الكلاسية نسبة إلى حي الكلاسية التي تقع عنده.
 مئذنة عيسى وعي   المئذنة الشرقية: و أيضا يقال لها المئذنة البيضاء أو مئذنة النوفرة نسبة لحي النوفرة.
مئذنة قايتباي وهي المئذنة الغربية وسميت نسبة للملك قايتباي المحمودي من المماليك وكان قد أمر بإعادة بنائها سنة 893للهجرة 1488م إثر حريق الجامع.
 

 
وتتلاحق الفنون المعمارية في قباب المسجدوهي  قبة تعلوه و ثلاث قباب في صحنه:
قبة الخزنة او قبة بيت المال: تقع في الجهة الغربية لصحن الجامع وقد  استعادت زخرفتها الفسيفسائية مؤخراً، وهذه القبة هي غرفة مثمنة تعلوها قبة محمولة على ثمانية أعمدة، كانت تحفظ فيها أموال المسلمين، ثم أصبحت لحفظ المخطوطات الثمينة. ولقد أنشئت هذه القبة في العصر العباسي 780م
قبة الساعات أو قبة زين العابدين: تقع في الجهة الشرقية لصحن الجامع.        قبة عائشة او النوفرة وهي تقع بين القبتين السابقتين و يوجد تحتها بركة ماء وهي  قبة الوضوء العثمانية 1769م التي كانت في منتصف صحن الجامع تحمي بركة ماء للوضوء.
 قبة النسر: تعلو الحرم بارتفاع يقارب 36م. أطلق العرب على الحرم اسم النسر, القبة رأسه و الرواق القاطع جسمه و الأورقة عن يمينه و شماله جناحاه.



 أبواب الجامع أربعة هي :
الباب الشمالي: عرف بباب الفراديس ثم باب الناطفانيين و مؤخرا باب العمارة.
الباب الغربي: يعرف بباب البريد و يفتح باتجاه المسكية.
الباب الجنوبي: و يدعى باب الزيادة أو باب القوافين و هو الباب الوحيد الذي يفتح على الحرم مباشرة.
الباب الشرقي: كانت تسميته باب جيرون ثم صارت باب النوفرة.


 
لوحات فنية وايقونات رائعة :
 
تعددت النظريات حول لوحات المسجد ، فالبعض يشير الى انها تمثل مشاهد الجنان في القرآن جسّدها الفنان العربي ،  فيما يرى آخرون انها لوحات تمثل في الرواق الغربي تصور احداث انطاكية وما شهدته القسطنطينية من أحداث، وتظهر هذه الرسوم مذهبة ومرصعة بالحجار الكريمة وقد وصف العالم المقدسي تلك اللوحات، ويروى ان احد حكام المسلمين طلاها بالطين وبقيت محجوبة حتى 1928 .
كما وصف ابن عساكرالفن و فسيفساء الجدار الجنوبي المتشكلة على شكل كرمة ذهبية ، كما وصف الأروقة وعضاداتها وقناطرها بأنها مكسوة كلها بالفسيفساء الزجاجي الملون، التي مازالت أقسام كثيرة منه باقية حتى الان في واجهة الحرم حيث تم ترميمها واعادة ما سقط منها.
 
ومن المرجح ان تكون هذه اللوحات ايقونات تجسد فنونًا بيزنطية تعود لكتدرائية حنَّا المعمدان حيث قام المسلمون بإزالة الكثير منها عن تحويل المكان الى مسجد لان التصوير يتنافى مع المعتقدات الاسلامية غير ان العديد منها بقي شاهدًا على عصور وأحداث تواترت على مدينة تُعد من أقدم مدن التاريخ 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق